هل نحن مقبلون على مرحلة يجتهد فيها أناس نعتبرهم منا على هدم قيم نسعى جاهدين للتمسك بها؟ فإننا عند النظر إلى ما يمر به أطفالنا وجيل الشباب هذه الأيام من ظروف وتقلبات متسارعة بناء على التطور السريع الذي يسير به هذا العصر والذي يطلق عليه البعض عصر التقنية ويسميه آخرون عصر المعلومات الإلكترونية والذي يتلقون من خلاله العديد من المعلومات المختلفة في شتى المجالات ومن شتى بقاع الأرض.
بالإضافة لما يتلقونه من خلال مقاطع الفيديو بكافة أنواعها والتي الغالب عليها إما عدم الفائدة أو الخبث المدسوس فيها من كلمات أو مناظر أو إيحاءات.
فما هي الوسيلة التي يمكن التفكير فيها لحمايتهم من هذا الكم الهائل من التدفق المعلوماتي؟ والذي حسب بعض الدراسات أن أكثر من 90 % مما يبث من خلال الإنترنت غث والباقي سمين، والمشكلة الكبرى التي نواجهها وتواجهها أغلب دول العالم بما فيها المتقدمة أن 90 % من المشاهدات هي للجزء الغث و10 % للجزء السمين.
وحسب إحصائيات شركة «Gartner» وهي شركة مختصصة في أبحاث الإنترنيت فإن عدد مستخدمي الإنترنت بنهاية عام 2017 م كان 8 بليون و400 مليون، ونصيب المملكة حسب إحصائيات 2014 م كان 16 مليون و200 ألف، وربما يكون قد وصل إلى أكثر من 18 مليون الآن، والسؤال الذي يطرأ على الذهن هو: من يحمي أطفالنا وشبابنا وشاباتنا من الغث ويوجههم للسمين.
ما جعلني أكتب ذلك هو “فيديو كليب” نزل حديثًا ورأيته قبل يومين لمجموعة من الشباب يلبسون ملابس بألوان متنوعة صارخة في أغلبها ويؤدون حركات تتصف بالميوعة والتغنج تماشيًا مع ما يلبسونه من ملابس وألوان وما عليها من نقوش، وما يحملونه من أشياء في أيدي بعضهم، والفيديو قفزت مشاهداته خلال أيام قلائل إلى أكثر من مليون مشاهدة، وقد لفت نظري في الفيديو بصرف النظر عن كلماته شخص يحمل مسجل أسود كبير على كتفه وينظر إليه، قد يمر هذا المنظر مرورًا عابرًا على الكثيرين، وإنما ما يحمله في داخله يدعو للعجب؛ حيث كتب على المسجل بألوان مختلفة وبخطوط متعرجعة ومتداخلة كلمات هي حرية، ديموقراطية (وبينهما كلمة لا، يمكن أن تقرأ باجاهين)، حرة، نرجسية، وكلمات إنجليزية كثيرة لم تكن واضحة منها (FIGHT THE POWER) وقد تقرأ أيضًا (FIGHT THE ROWER) وكلاهما تحمل في طياتها رسالة خبيثة فالأولى تعني حارب أو قاتل القوة ومعروف من هي القوة في بلدنا، والثانية تعني حارب أو قاتل المجدف وترمز إلى عدم التعاون مع الآخرين لأن كلمة ROWER تعني المجدف في قارب ضمن فريق ومعروف من المقصود بهم الآخرين.
يبدو الفيديو في مجملة كأنه بريء، وإنما كما ظهر لي فإنه يحمل رسائل سلبية كثيرة وخطيرة على فئات معينة من الأطفال والشباب الذين موجه لهم الفيديو، وهم على الأرجح ما بين 8 أعوام إلى 18 عامًا وربما إلى العشرين.
إن الملابس والموسيقى والإيقاع السريع والومضات واللقطات السريعة كلها يستطيع أي مبتديء في علم النفس أن يعرف ما هو المغزى منها وكيف يتم من خلالها برمجة عقول الصغار والشباب على أشياء خطيرة جدًا ناهيك عما تحمله الكلمات من معاني في طياتها.
أدعو الله صادقًا أن يحمي أطفالنا وشبابنا وشاباتنا وأمتنا من هؤلاء الذين يريدون أن يهدموا ما تبقى لدينا من قيم، وأهيب بالآباء والأمهات أولاً والمسؤولين ثانيًا ملاحظة ما تبثه هذه الفرق ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي من سموم، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
عبدالعزيز الصحفي
مقالات سابقة للكاتب