هذه الجملة سمعتُها كثيرًا ومنذ زمن طويل، ومنذ أيام كنَّا نلهث خلف الكثبان الرملية المتحركة بها، وهذا ما جعلني أسترجعها خلال الأسبوع الماضي عندما كنت أستمع إلى أحد رجالات التربية والتعليم بالمكتب التعليمي بخليص، وهو يتحدث عن زميل لهم يُشِع إشراقًا لخليص وأهلها؛ لما حققه من إنجاز على مستوى العالم العربي، وهو القادم من الطبقة الكادحة ورغم هذا حقق الإنجازَ، وصنع الفرق في حياته الشخصية وواقع مجتمعه الخليصي.
إنه الشاب فريد بن نافع الصبحي، المتخصص في عالم التقنية؛ حتى أصبح أول عربي يحصل على عضوية في شركة جلوبال الأمريكية، والمدرب المعتمَد لديها بالشرق الأوسط.
عندما كنت أصغي إلى سيرته الذاتية من ابن أختي كانت الذاكرة تطوف حول الكثير من واقع مجتمعنا الخليصي من طبقة المعدمين الذين حققوا إنجازًا، والشواهد كثيرة وإنجازاتهم واضحة، وفريد يشكل جيلًا ذهبيًّا في خليص، في عام ١٤١١ هجرية، شهدت ثانوية خليص ستة متفوقين من العشر الأوائل بالمنطقة الغربية: ثلاثة منهم في العلوم الأدبية، وثلاثة منهم في العلوم العلمية، ومن مدرسة واحدة؛ مما دعا الدكتور عبد الله الزيد المدير العام للتعليم بالمنطقة الغربية ـ كما كانت تسمى الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة من قبل ـ أقول دعاه ذلك الأمر للحضور للمدرسة بلجنة يشرف عليها شخصيًّا لمراجعة كل أوراق هؤلاء الطلاب ورقة ورقة كما قيل لي، لكنَّ واقع تفوقهم جعل الزيد يرفع قبعة الاحترام والتقدير للتعليم بخليص وأهله، ومنهم المرحوم بإذن الله حمدي محمد الصعيدي فقيد عبارة السويس الذي سمي بالجامعة -كما قيل لي- “سيبويه اللغة العربية”، وكل هؤلاء الستة ختموا حياتهم الجامعية بالامتياز والتقدير، ومنهم من عاد إلى واقع الحياة التعليمية كعبد اللطيف رجاء المحلبدي، وعبد الله عطية الصبحي، وآخرون من الدكاترة والأطباء في تخصصاتهم كما عرفتُ، ولكنني لم أتمكن من الحصول على أسمائهم.
والعودة إلى فريد بن نافع الصبحي، هذا الشاب المتوقد حماسًا، يستحق أن يُكَرَّم، ويستحق منا جميعا كلمة “شكرًا” أن تقفز بخليص الإنسان إلى واجهة الأحداث وزوايا صناع قرار المستقبل، أتمنى أن يكون أيقونة جديدة لتحفيز الشباب المحافظ على الانخراط في دهاليز تعليم المستقبل، والمساهمة في صناعة رؤية المستقبل للوطن في كافة المستويات.
ولتحفيز الشباب من أبناء خليص، أن تكون سيرة مواطن مثل فريد متداولة بينهم، وقصة كفاحه، ومسيرة دارسته إلى أن وصل لما وصل إليه اليوم، ومن ثم فلا بد من العمل على إقامة حفل باسم المتفوقين في ذاكرة خليص، ويكون أول هذه الاحتفالات باسم فريد بن نافع الصبحي، ومن ثم يتوالى الآخرون، ويكون هذا الاحتفال كل سنتين أو ثلاثة، ولا ينبغي أن يكون نجمه إلا مَنْ يستحق ويكون صاحبَ إنجاز حقيقي.
فاصلة:
إلى ذكرى ذلك المدرس الذي كان من أوائل المدرسين بخليص، والذي يحمل قطعة من قلبي، إلى أخي “عمران” رحمه الله، أقول له ولكل جيله من المدرسين الأوائل: شكرا لكل ما لمسناه اليوم من ثمار تعبكم في ذلك الزمن، وما صنعتم لهذا الجيل والأجيال القادمة.
عبدالله الطياري
مقالات سابقة للكاتب