في الآونة الأخيرة ظهرت بعض السلبيات في المجتمع من رجال قد جانبتهم الحكمة ورجاحة العقل التي من المفترض أن يتحلى بها الرجال ولا سيما أنهم قد تجاوزوا الخمسين من العمر ، وكما ذكروا أنهم قد أصبحوا في سن التقاعد والظاهر أن هذه المشكلة التي ظهرت أن بعض الرجال قد ذكر أنه يريد الزواج من فتاة صغيرة ليحظى ببعض الدلال وقد تعدى في طلباته حتى أغضب بعض النسوة ، فانبرين له وبدأ الأمر بالعتاب القاسي أولا ، ثم ما لبث الأمر أن تحول إلى شتائم وسب وانتقاص كل من الطرفين للآخر؛ وإذا كان العنوان يشير إلى فضح كل واحد للآخر في إشارة إلى نشر كل طرف لغسيل الآخر ، ومن المعلوم أن الغسيل لا ينشر إلا إذا كان نظيفاً ، إما أن ينشر الغسيل القذر الذي تزكم رائحته الأنوف فهذا ما لايقبله ذوو العقول الراجحة من الرجال والنساء .
ولن يحدث هذا الأمر في مجتمع إلا إذا تخلى بعض أفراده من الرجال عن المسئولية التي ألقيت على عواتقهم وراحوا يبحثون عن أمور لا ترتقي إلى مستوى الرجال الذين يبحثون عن المقامات الرفيعة ، وحقيقة كنا ونحن في ريعان الشباب نرى من آبائنا ومن في سنهم بمجرد أن يتعدى الواحد منهم هذا السن إلا ويحمل سجادة صلاته ويتجه في كل فرض إلى المسجد الحرام بمكة أو المسجد النبوي بالمدينة أو أي مسجد في الحي علامة على أن زمن اللعب واللهو قد انقضى وحانت ساعة التشمير عن سواعد الجد في العبادة والاستعداد للآخرة ، وليس معنى هذا أنهم قد تركوا الدنيا ، أبداً ، فليس في الإسلام رهبنة معاذ الله ولكن بمعنى أنهم للآخرة أقرب منهم للدنيا ..
ولكن عندما نرى قلة الاحترام والتقدير وإنكار لمعروف من رجال لنساء بذلن كل ما في وسعهن في تربية الأبناء وإدارة شؤون المنزل وقد أفنين أعمارهن في ذلك وتعبن أيما تعب ثم يجابهن بالجحود ، هذا أمر غير مقبول بالمرة ..
وفي المقابل أيضاً غير مقبول أن تسلط النساء ألسنتهن بالشتم والسباب ووصم الرجل الذي ذاق الأمرين كل هذه السنوات في الكد والسعي لتوفير لقمة العيش للأبناء حتى انحنى ظهره وأخذت السنين منه ما أخذت .. نعم غير مقبول وصفه ووصمه بكل نقيصة وكأنه لم يفعل شيئاً .. هذا أيضا يعتبر من نكران الجميل الذي لا يصح أن يكون في المجتمع المسلم الذي ينشد الرفعة لأفراده..
ولكن عندما يتخلى أفراد المجتمع عن المبادئ والقيم التي نادى بها الدين الحنيف حتماً ينتج رجالاً ونساء اشأم كلهم فلا احترام ولا تقدير من كل طرف للآخر نعوذ بالله من الخذلان .
وإني لأتساءل في مرارة شديدة ، هل هذا هو ما تعلمناه وجنيناه من هذه التقنية التي بين أيدينا ، وأقصد هذه الشبكة العنكبوتية وقنوات التواصل .. هي نعمة ولكن البعض حولها إلى نقمة وتسليط الألسن التي ماتعودت على ذكر الله ولم تضع أمام عينيها قول الله تعالى (مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ، ولو علم كل واحد تكلم بالباطل والبهتان أن الله محاسبه ومجازيه على ماقدم وجعل الله الرقيب بين عينيه لما تجرأ على ما تجرأ عليه ، ولكن للأسف أصبحنا في زمن قل فيه الحكماء ويكاد يتحكم فيه السفهاء الذين لا يحسبون لعواقب الأمور حساباً…
ووالله لقد تألمت جداً وأنا أسمع تلك الحوارات والمقاطع الصوتية وما فيه من قلة احتشام وظهرت أمامي علامات استفهام كبيرة جداً ، ماذا يقول شبابنا الذين نصب في آذانهم صباح مساء أن بالأخلاق تسود الأمم ، فماذا يقولون عنا إذا علموا أن كبرائهم هذا هو شأنهم وديدنهم ، إلا يتهموننا بالكذب والنفاق وأننا نقول ما لا نفعل ونأمرهم بأمر نأتي خلافه فينشدون قائلين :
أتنهى عن خلق وتأتي مثله
عار عليك اذا أتيت عظيم
وقاصمة الظهر ماذا يقول عنا من بالخارج الذين ينظرون إلينا على أننا أهل بلاد الحرمين ، والذين من المفترض أن نكون قدوة وأعلى شأناً مما نحن عليه من هذه الصفات التي يعافها أصحاب المروءة ، فلنتدبر هذا ونكف عن هذه الأعمال المخجلة والمخزية .
إبراهيم يحيى أبوليلى
مقالات سابقة للكاتب