بعد اختتام مهرجان محافظة خليص يحق لنا أن نقول بأن المهرجان قدم انطباعاً لدى زواره بأن محافظة خليص قادرة على الإبداع والتفوق في جميع المناسبات القادمة, فهذا النجاح الذي حققه المهرجان لم يكن لو لا فضل الله ثم فضل محافظنا المحبوب الدكتور فيصل الحازمي, الذي أحب أهل المحافظة وأحبوه, فعندما أدرك حدود إمكاناتهم حرك المياه الراكدة و أخذ بأيديهم وتقدم بهم لتخطي هذه الحدود, ولسان حالهم يقول من رفع لنا عقاله في البداية لابد أن رفع رأسه في الختام.
وفي الحقيقة أن أهالي المحافظة بجميع مراكزها رفعوا رؤوسنا جميعا عندما أوصلونا إلى القمة متخطين كل الصعاب والعقبات التي واجهوها, وذلك عندما تحولت المحافظة و مراكزها إلى أبراج مراقبة تفتش عن الجديد للوصول إلى الإبداع بشكل مختلف حتى أنتجوا لنا مجموعة من الفعاليات التي أسعدت المواطن في جميع أنحاء المحافظة و قدموا لنا مجموعة من القيم التي انتشر شذاها وعمت آفاق الوطن الغالي .
لا أود الحديث في هذه المقالة عن الفعاليات وعن مدى الإبداع الذي تحقق فيها, فجميعها موثق إعلاميا ويمكن الرجوع إليه في أي وقت لاحق, ولكنني أود التطرق إلى بعض القيم الأخلاقية التي شاهدتها أثناء فعاليات المهرجان والتي لا يمكن أن ترصدها كاميرا المصور بشكل دقيق.
فعندما يجهز المكان الفسيح للشيخ الكبير ويقدم له كرم الضيافة, ثم تجده يرفع يديه ويقول أسعدكم الله كما أسعدتمونا ويستطرد قائلاً: لقد رأينا في هذا المكان أحباب لنا لم نكن نظن أن نراهم أبدا, عندها تعلم بأن الإحسان قد عم أجواء المهرجان.
وعندما نرى روح المنافسة تمثلت كالوقود الذي يحرك حماس الشباب لبذل ما ينبغي من الخير من غير عوض وعن طيب نفس يجب حينها أن ندرك بأن هذا المشهد هو الذي يمثل العطاء في صورته الحقيقية.
وكذلك عندما يلقب أحد الأطفال المشاركين في تنظيم الفعاليات بصديق المحافظ, فلابد أن نعرف بأن هناك معنى للعطف على الصغير قد تجلى في عيون الأطفال.
أما قيمة الإيثار فقد تجلت خلال ليالي المهرجان بين مراكز المحافظة و كما يصفها سعادة المحافظ في إحدى رسائله بأنها كانت من العجائب المبهرة, فالجميع كان يقدم نجاح المهرجان على التفرد والتميز فالتعاون المتبادل بين المراكز الذي جسد معنى اللحمة الوطنية الحقيقية كانت صورته بارزة لدى جميع المراكز إلا أنها ظهرت بشكل واضح لدى مركز البرزة ومركز أم الجرم لتواجدهم المستمر طيلة ليالي المهرجان, فلم يفقدهما التنافس على الفوز بلقب المركز الأول قيمة حسن الجوار , فكانت رسالتهم للجميع واضحة وهي أن أجنحة المراكز لا تقاس بجميل إنتاجها و إنما تغلو و ترخص بالتعامل مع جيرانها.
فالقيم كثيرة ومتعددة ولا يسع المجال لذكرها جميعا ولكن لو علم المصلحون من أهل التربية أن إقامة مثل هذه المهرجانات هو السبيل لردم الفجوة التي أحدثتها مقتضيات العصر بين الفئات الثلاث (الكبار والشباب والصغار) وأنها هي الملاذ لتحسين العلاقة وتوثيقها بينهم, لطالبوا بإقامتها في كل عام على الأقل ولو مرة واحدة, ولقالوا بصوت عالي لمن يريد أن يحول بيننا وبين تربية أبنائنا, يكفي أننا كلما نريد أن نقف بجانب أبنائنا, أتيتم لتفتشوا عن الأخطاء والمساوئ التي يقع فيها الشباب ثم تتهموننا بأننا نقرهم عليها, لكي يتغير ترتيب صورة الأولويات في أذهاننا فنجعل الخوف على أنفسنا من الوقوع في الأخطاء أولوية مقدمة على إنقاذ أبنائنا الواقعين فيها.
ففي كل مرة بقصد أو بدون قصد يصنعون حاجزا بيننا وبين الوصول إلى أبنائنا .
فهد عبدالله الصبحي
مقالات سابقة للكاتب