من المعلوم أن صناعة السينما هي من ضمن المكنة الإعلامية الهائلة التي يستخدمها الغرب لتمرير سياساته بل وحتى أيدلوجيته ، وفي كثير من الأحيان تعمل هذه المكنة الإعلامية لقلب الحقائق وتعمل عمل السحر في عقول وأعين المتابعين لها حيث تلقى رواجاً هائلا وسط المتابعين لها ..
فعلى سبيل المثال ، منذ أواخر الستينات والسينما تروج لأفلام “الزومبي ” أو ” الأموات الأحياء ” وفي كل مرحلة مع تقدم تكنولوجيا التصوير تزيد عملية التشويق اتساعاً حتى كاد العالم يصدق أن هناك فعلاً ما يسمى بالزومبي فما هي حقيقة هذا الاسم ..
إن اسم الزومبي هو لملك مسلم من إفريقيا قام بثورة في البرازيل وكما يقول أحد الكتاب “ربما لا يعلمونَ بأمر “زومبي” القائد الإفريقي الشابّ الذي استطاع أن يقوم بثورة إسلامية حقيقية للأفارقة في البرازيل على المستعمر البرتغالي”.
ويقول آخر في معرض التعريف عن هذا الملك الشاب (هو الملك المسلم “جنجا زومبي”, وهو شخصية عظيمة وبطل من أبطال دولة الإسلام في البرازيل ، وهو من أصول أفريقية ، ووُصف جنجا زومبي بـ “الشجاع الأسود”؛ نظراً لشجاعته ) .
ولقد كتب كل من الدكتور ( تي بي إرفنج وإلم درايف إن إي) – في معرض حديثهما عن حقيقة مسمى الزومبي – وهي دراسة بعنوان ( الملك زومبي وحركة الماليين (المسلمين) في البرازيل بحث مقدم إلى الندوة الأولى حول الجذور الإسلامية للبرازيليين ذوي الأصول الإفريقية ) ( وفي السنوات من بين 1828 و1830، سُمع عن بعض طلائع حركة الماليين في جميع أنحاء باهيا؛ في مينائها، وفي عاصمة السلفادور، وكذلك في الموانئ الأخرى على طول الساحل؛ حيث أراد المسلمون ممارسة شعائرهم الدينية بِحُرية، وليس الانحناء أمام التماثيل، والرسومات النصرانية المحفورة للقديسين الكاثوليك، وليس عليهم حمل الفضلات أثناء المواكب الدينية (كما يفعل الهندوس)) ، ويستطرد الدكتوران في قولهما ( وبطريقة ما، عكست حركة الماليين في البرازيل قلق وسخط الأفارقة من محاولة فصلهم عن جذورهم الثقافية الإسلامية، وإجبارهم على الإيمان بعبادة الأوثان بدلاً من الإيمان بالله وحده، وفي عام 1831 حتى 1837، كما أشرنا أعلاه، انتشرت هذه الحركة بشكل كبير عن طريق الموانئ الساحلية في البرازيل؛ مما تسبب في نشر الخوف من المسلمين بين الطبقات العليا البرازيلية، وفي الجيش، وفي عام 1835 سُميت بحركة الماليين العظيمة؛ بسبب أن الماندنيجو من الأصول المالية استطاعوا الاحتفاظ بإسلامهم لعدة قرون في منفاهم الطويل عبر المحيط الأطلسي، وقد عارضت الحركة كل أشكال الوثنية، والنصرانية، وعبادة الصور، ولم يكن يُسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية).
وان لمن المؤسف حقاً أن لا نجد من الكتاب أو الرحالة المسلمين إلا بعض الكتابات الخجولة حول هذا الافتراء من يحاولون تفنيد هذه الكذبة المزعومة والتشويه لأبطال مسلمين وقفوا سداً منيعاً ، وضحوا بأنفسهم في سبيل الدفاع عن دينهم ومعتقداتهم الإسلامية ضد التزييف والتضليل وترويج الأباطيل والافتراءات حول حقيقة بصمات المسلمين في شتى بقاع المعمورة ، وترك الساحة للأعداء يصولون ويجولون ويكتبون ما شاءوا ويزيفون الحقائق كلما أرادوا ، لأن المسلمين ناموا عن حقهم وأحبوا الراحة والسكينة فضاعت أكثر الحقائق وسيطر الكذب على تاريخ الاسلام والمسلمين المجيد ، وحقيقة كم أتطلع إلى من يتبنى مشروعاً لجمع كل ما يخص الحركات الإسلامية في البلاد النائية والتي لا يظن القارئ المسلم أن في تلك البلاد مسلمون قاموا بالدفاع عن حقهم والوقوف بكل صلابة وقوة ضد تغيير دينهم ، ومن المؤسف كذلك أن الشباب المسلم يعرف عن لاعبي الكرة في البرازيل أدق التفاصيل ولا يعرف أن في هذه الدولة أيضاً من قام بجهاد لنيل حريته من المسلمين الأفارقة كثورة الماليين في البرازيل والسلفادور الذين حاولوا نشر الدين الإسلامي في أمريكا الجنوبية والشمالية .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب