يُحكى أنه في زمن غابر كان قوم يسكنون الصحراء ويلتحفون أديم السماء ، لديهم جمل وحيد يتناوبون عليه فيسقي لهم الماء من مكان بعيد ويحمل أمتعتهم ويقضي شؤونهم ، كان هذا الجمل صابرا على ما قدره الله له لا يشتكي من سأم ولا يرغي من نصب ، جمل وحيد والقوم قبيلة كبيرة ، إن فقدت مواشيهم قالوا الجمل يجدها ويحضرها وإن تخلف رأس من القطيع فالجمل موكل به استرداده لأحضان القبيلة ، إن جاء ضيف هبوا كلهم قائلين : الجمل يتكفل بالضيف وضيافته وإن هاجم الأعداء القبيلة قالوا ليس لنا إلا الجمل !!!
يقضي الجمل المسكين حياته خادما لغيره لا يفكر في نفسه يقتات القليل جدا كي يفسح للبقية امتلاء البطون ، إن أقفرت الأرض فالجمل هو الذي يصبر على الجوع لأنهم علموه أنه جمل يحتمل كل شيء!!
إن قل الماء وأجدبت البلاد فالجمل يستطيع الصبر لأنه سفينة الصحراء كما وقر في ذهنه من أحاديثهم ، وإن نزل القطر فالجمل يترك الماء لغيره ويؤثر على نفسه ، أليس جملا ؟! فالواجب أن يتحمل !
تعب هذا الجمل وأصبح منهك القوى خائر القوة لكنه ما زال يكابر ويكابر !
لكن الذي حز في نفس هذا الجمل هو نكران القوم له وجحود خدماته ونسيان ما قدم من جهد مضنٍ وعمل دؤوب طيلة وجوده بينهم ..
أصبح الجمل مهمشا ينظر له كخادم فقط لا يحق له أن يطلب أو يتكلم أو يبدي رأيًا ..
هؤلاء القوم يثبتون كل مناسبة أنهم لا يأبهون إلا بمصلحتهم فقط ولا يقرون لهذا الجمل بفضل أو يعترفون له بجميل !!
انبرت فئة لتهميش دور هذا الجمل وأوغلت في التضييق عليه بل وفعلت ما يؤكد أنهم يصرون على التقليل من جهوده وتجاهل مجهوداته دون أدنى تقدير أو اعتراف بجميل !! ولسان الحال يقول متى ما أوكل الأمر إلى غير أهله فسترى العجب .
نسيت أن أخبركم أن ذلك الجمل قدر الله له أن يشارك في مهرجان ( الجنادرية ) يوما من الأيام فتحامل على نفسه واجتهد في إعدادها ففاز بالمركز الأول بشهادة جميع المنصفين غير أن أصحاب المضمار رفضوا ذلك ، بل وزعموا أنه لم يشترك أصلا في السباق !!!!
ومازال ذلك الجمل يمني النفس بتغير أحوال القوم أو أن يكون فيهم رجل رشيد يعطي هذا الجمل ما يستحقه !!
ترى من هو هذا الجمل ؟!!!
للقراء حرية التخمين ،،،،
مفلح الصاطي الحربي
مقالات سابقة للكاتب