حينما بادر ولي عهدنا الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان برؤية التحول السعودي 2030 وهي تحمل في طياتها الكثير من التغيير للأفضل لتكون السعودية بالصف الأول عالميًا، فوضعت الأهداف بالأرقام والمتتبع لها حين صدورها يعرف بأن لغة الأرقام دومًا هي المقياس والمعيار الحقيقي لمعرفة ما إن كنت تغيرت أو تحولت أم أنك ما زلت في مكانك بل وتأخرت عن ركب التطور .
فعندما صيغت الأهداف وُضِعت باحترافية تامة لترقى بكل قطاعات الدولة العام منها والخاص (اقتصادية، عسكرية، سياحية، خدمية، عقارية، ترفيهية، رياضيهة،… إلخ ) فأعلن الاستنفار التام مع الاستعداد لركوب قطار التنمية والتقدم والنهوض من حالة الكساد والخمول إلى حالة النشاط والعمل والهمم العالية لنرقى بدولتنا إلى القمم، فتسابق جميع المسؤولين بالقطاعات على الصعود للقطار، فمنهم من ركب لتحقيق أهداف القطاع الذي يمثله ومنهم من ركب بلا هدف ولم يطور أو يحدث أي شيء في منظمته ولا يعرف من الرؤية سوى شعارها فقط مع العجة.
ولو أردت الحديث عن جميع القطاعات فلن يسع المجال والمقال لذكرها ولكنني سأختصر بالحديث عن القطاعات الخدمية وبالأخص البلدية منها؛ فالملاحظ للأعمال البلدية المنفذة في كثير من المدن والمحافظات لا يرى أنها ترقى لمستوى تطلعات الحكومة وآمال المواطنين بل يرى مشاريعًا مترهلة أو متعثرة لا تنفذ حسب مواصفات ولا معايير وتفتقر ﻷدنى مستويات الجودة، ومسؤول هذا القطاع ركب قطار الرؤية 2030 وليس ما لديه ليحظى بالقبول لدى المستفيد من تلك الأعمال المنفذة.
وسأفصل للقارئ الكريم ما لذي يتوجب على المسؤول أن يتسلح به ليكون من ضمن ركاب قطار التنمية، وسيكون محور الحديث بهذا المقال حول الركائز الرئيسية لأعمال الصيانة والأعمال الإنشائية بالمشاريع البلدية لنرتقي بخدماتها وتكون على مستوى اﻵمال والتطلعات:
أولاً: مرحلة الحصر والرفع بالاحتياج من المشاريع سواء إنشائي أو (ترميم، تغيير، تحسين، أو تحديث) أو عقود صيانة مستمرة؛ فيتوجب على المسؤول أن يقوم بمسح يشمل بيان بكل الاحتياجات مرقمهة بالأولويات من حيث أنواعها ومواقعها، ومن ثم انتظار الارتباط المالي للمشروع ثم مرحلة الطرح في منافسة عامة، وسيكون ذلك في السنوات القادمة، اختيار المقاولين إلكترونيا لتنتهي مرحلة الفساد واستبعاد المقاولين الجيدين لاعتبارات لا تمت للمصلحة العامة بصلة بل هي مصالح خاصة بحتة.
ثانيًا: وضع المواصفات والمعايير للمشروع على حسب ما يتوافق مع المعايير العالمية في الإتقان والجودة، وفي هذا نطالب بإيقاف زمن النسخ واللصق في العقود القديمة بل إعادة صياغة وتحديث العقود بما يتوافق مع الرؤية، رؤية التحول والتغيير نحو مصاف الصف الأول وذلك يكون بالجودة المتقنة على حسب أصول الصنعة.
ثالثًا: مرحلة اختيار المنفذ (المقاول) وهنا نضع 100 خط تحت كلمة ( اختيار ) ونقصد إن لم يكن المقاول مصنفًا بالدرجة الأولى في مجال العمل (المشروع) المراد تنفيذه (صيانة ، مقاولات ، إنشائي) فلا حاجة لنا به والتصنيف هنا يكون على حسب التعاميم الحديثة الصادرة من المقام السامي مصنفًا من ( هيئة المقاولين السعوديين ) وهي هيئة حديثة تم إنشاءها تُعنى بالمقاولين السعوديين فهي من تصدر لهم سابقة الأعمال وتقيمهم وتضع لهم التصنيف المناسب على حسب أدائهم وقيامهم بالأعمال المنفذة بعقود مع القطاع العام أو الخاص حسب العقود وما احتوته من شروط ومواصفات، فلا نريد تكرار أخطاء الماضي ومقاولين على طريقة المثل الشعبي القائل ( طبطب وليِّس يطلع كويس! ) بل نريد عملًا يتماشى مع الرؤية.
رابعًا: المرحلة الأخيرة والمهمة هي الإشراف على التنفيذ، فلابد أن يتم تدريب وتنمية وتطوير قدرات المشرفين على كيفية متابعة تنفيذ المقاول لبنود العقد على حسب المواصفات المطلوبة والمكتوبة والمتفق عليها والموقعة من الطرفين ولا تهاون في تنفيذها حتى نحصل على منتج عالي الجودة.
همسة:
رؤية المملكه 2030 في الخدمات تعزز ثقافة الجودة والإتقان ولن يركب قطارها من ليس لديه الاستعداد لذلك!
مقالات سابقة للكاتب