منذ مدة طويلة ظل اسم الشيخ عبد الله العقيل يتردد على مسامعي من خلال الجهود الكبيرة والخيرية التي يقوم بها في أعمال جمعية البر بخليص ومع رجالها المخلصين والتي رأيت ملامح إنجازاتهم تلامس الواقع، حتى تشكلت صورته بداخلي أن يكون الشيخ عبد الله العقيل هو “عبد الرحمن السميط لمحافظات الحجاز”، وبدأتُ أتابع مسيرة هذا الرجل المعطاء بين دورب الخير وإغاثة المحتاج، ووجدتُهُ للحقيقة يتردد بنفسه بين كل الجمعيات الخيرية من خليص إلى الكامل إلى عُسفان وإلى رابغ وإلى قديد وبر الأبواء لبناء المساكن، وأيضًا لإغاثة المحتاجين ودعم الطلاب ..
حقيقةً جهودٌ كبيرة وكبيرة ولا بد أن يُشْكَرَ عليها الشيخ عبد الله العقيل ومَنْ يسير في ركبه بهذا الطريق الخيِّر، والذي يلتمس الجاري والحافي بقدميه هذا الدرب مدرارًا للخير عليه في الحياة الدنيا قبل الآخرة؛ لذا أتمنى من خلال واقع خبرتي واطلاعي على الكثير من دروب هذا الخير أن يعمل مجلس إدارة جمعية البر بالخير مع هذا الرجل الفاضل العقيل لبناء تنمية مستدامة للجمعية من خلال مشاريع وقفية ذات عوائد ربحية كبيرة خاصة المشاريع التي يصل عائدها لـ 30 في المائة كالفنادق والأسواق التجارية والمصانع، والابتعاد بكل ما تملك الجمعية عن المشاريع المعمارية الوقفية التقليدية كعمائر الإسكان؛ حيث إن الدراسات المتوفرة اليوم تشير إلى أن هذه العمائر سوف يتناقص العائد السنوي لها لأقل من 6 في المائة؛ مما يشكل تجميد أموال ضخمة للجمعية والعوائد الربحية التي من خلالها تنفذ مشاريعها الخيرية للمحتاجين والمنتظرين لعطائها..
لذا أقترح على مجلس إدارة جمعية البر الخيرية بخليص تشكيل مجلس تسويق تنفيذي لدراسة الرؤيا الاستثمارية المستقبلية لأعمال الجمعية الخيرية، وأقترح بهذا الشأن أن تعمل الجمعية وما تملك مع بلدية خليص لاستثمار الأراضي التي تقع على بوابة مدينة الملك عبد الله الاقتصادية كمشروع مستودعات لمدة 30 أو 35 عامًا، لأنه كما أعلم أن للجمعيات غير الربحية مُدَدًا أطول من المشاريع الربحية، وسوف يكون العائد الاستثماري لمثل هذا المشروع في السنوات القادمة كبيرًا جدًّا، أيضًا العمل على الاستثمار بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية كمشروع فندق فئة أربعة نجوم وأيضًا مشروع سكن عمالة بهذه المدينة، وهناك أطراف موقع الجمعية بخليص؛ حيث إنني اطلعت على الكثير من بعض هذه الفرص الاستثمارية التي يمكن الاستفادة منها في أعمال الجمعية التنموية.
والمشكلة التي تعاني منها الكثير من الجمعيات والمؤسسات غير الربحية بالمملكة هو اعتمادها الأساسي على العاطفة الدينية لدى الواهبين وهي بلا شك جيدة وأسهمت بضخامة إنجازات وعطايا هذه الجمعية، ولكن في المقابل لم يكن لهذه الجمعيات واقع بالتنمية المستدامة لأعمالها أو للدورة الاقتصادية داخل المجتمع الذي تعمل في إطاره، وهو الابتعاد على العمل الاحترافي في صناعة مجتمع معطاء ومدرار للخير فيه، وإن كانت الجمعيات الخيرية بالمملكة اتجهت فقط إلى العمل في إطار وقفي واحد ولكن لا يشكل رؤية اقتصادية تنموية مجتمعية، ومن خلال واقع خبرتي ودارستي لهذه الجمعيات طوال أكثر من 24 شهرًا رأيتُ أن عامل التسويق والاستثمار الاحترافي بها شبه معدوم في أكثر من 95% من هذه الجمعيات، إضافة إلى ضعف الكادر الوظيفي لهذه الجمعيات، وهشاشة كفاءاته في الكثير من الجمعيات، بل البعض منها أصبح مرتعًا للمتقاعدين الباحثين عن زيادة دخلهم فقط، لذا آمُلُ من جمعية البر بخليص ومعها جمعية “ترتيل” للعمل وفق رؤية استثمارية تنموية جديدة، ولا شك أن جهودكم محل افتخار وثناء منا؛ لِمَا لمستُهُ شخصيًّا في الكثير من الجوانب.
عبدالله الطياري
مقالات سابقة للكاتب