الغيث يحيي الأمل في النفوس، ونعمة تستحق الشكر، فهو بالرغم من منافعه العديدة وفوائده الجمة، فإنه يجب الحذر كل الحذر من أضراره وأخطاره، كالغرق والهدم وفقدان أغلى الناس علينا وأعز ممتلكاتنا وثرواتنا.
نحن نؤمن بالقضاء والقدر، ولكننا نبحث عن أسباب النجاة وهما لا يتضادان.
فإذا أبصرت مياهًا متجمعة، غدرانًا كانت أو مستنقعات فلا تجعل فرحتك تنسيك غدرها ومكرها فهي ليست سببًا لتطور الحياة وبقائها فقط، بل أيضًا سببًا لإنهاء الحياة وفنائها. ولا تعتقد يومًا أن خطر السيول ينتهي بتوقف تدفقها وجريانها، بل يستمر ويأخذ صورًا عديدة كلها تنبئ بالموت، فلا تحط يومًا رحالك بجوارها ولا تسمح لأبنائك بالاقتراب منها أو الخوض في مائها فهي لا تروي عطشًا، بل تهلك أرواحًا بريئة.
تلك هي حفر الموت “صائدة الأرواح”، خلاياها نائمة طوال العام، ومع موسم الأمطار تعود لتفتح فمها لتتلقف وتبتلع كل من يجرؤ على الاقتراب منها أو سبر أغوارها.
والواقع يقول إن هذه المصائد تسبب فيها الانسان، ليطالب الجهات المعنية بإزالتها وإنهاء أخطارها، وحتى إن أزيلت يظل خطر المستنقعات قائمًا لأن السيول تُوجِد مع كل مرة تدفق لها مصائد جديدة لا يستطيع أحد التنبوء بمكانها أو عمقها، ولا سبيل للخلاص منها بعد الله الا الوقاية والوعي والحيطة والحذر.
حفر الموت ومصائد الأرواح خسائرها فادحة وضحاياها كثر وفي الوقت نفسه يمكن إنهاء خطر العديد منها بالردم والتسوية، كما يمكن التقليل من نسبة المخاطر بالرقابة والتوعية والمحاسبة المسؤولية يشترك في تحملها الجميع، كل يفعل ويطبق ما يخصه ويقع ضمن نطاق مسؤوليته.
والإحصائيات تشير إلى تزايد أعداد ضحايا الغرق فالحفر مستمرة في ابتلاعها والسيول والابار الارتوازية لا تزال فصول معاناتها مستمرة.
ويجب ان لا تنسينا نشوة الفرحة بالاجواء الماطرة خطورة ما يتخللها من اخطار لاسيما الصعق الكهربائي منها ولنحذر استخدام الهاتف النقال اثناء حدوث المطر والبرق والرعد المواطنون ابدوا استياءهم وتذمرهم مما يحدث، وقالوا: “مصائد الموت المائية تخطفت فلذات أكبادنا وازهقت أرواحنا”، وطالبوا الجهات المعنية بإنهاء مخاطرها بردمها ومحاسبة المتسبين فيها وعدم التهاون معهم، واقترحوا مضاعفة الغرامات.
فيما نصح أكاديميون أولياء الأمور بتفهم الحالات النفسية والانفعالية لابنائهم عند مشاهدة الماء، فيما نصحوا الشباب بالتعقل.
وبالمقابل أجمع المسؤولون على تهاون بعض الشركات، مؤكدين أن هناك أنظمة تنص على تغريم المتهاونين.
محمد إبراهيم البشري
مقالات سابقة للكاتب:
أبناء عسفان يخلدون ذكرى غازي القلوب
مقالات سابقة للكاتب