الجاثوم .. واقع أم خيال؟!

الجميع عَلِم عن ذلك الشيطان الهواوي الأخرس ومُخرِس الناس في وقت الاستيقاظ من نومهم، وهذه تناقلات جاءت من الأجداد وتواجدت في عقول الأحفاد وليست بمبادئ علمية أبدًا، ولا أعتقد بإذن الله أنها ستنقل للأجيال القادمة بنمطية التفسير القديم لها، ولقد اختلف في ذلك الجبهات العلمية والفلسفية والطبية والأساطير الشعبية.
ولكن ما هي حقيقة ذلك الشيطان الأخرق الذي يضايق سكان البادية؟! 
وما هو المرض الذي يحمل نفس تلك المواصفات ويضايق أهل الحاضرة؟!
حسنًا .. قيل: “من سبق لبق”، وهذا المثل ينطبق على أي معلومة عندما تدخل عقل الإنسان ، فهو يجعلها حقيقة ثابتة ويدافع عنها كأساس من مبادئه الفكرية، سِواءً من رحم ربي من الباحثين والأدباء والمتعلمين الذي يتوخون الحذر في تلقي أول معلومة عن شيء لأنها تنتشر في الدماغ البشري وتحتل قائمه الإيضاح الأساسي عن الشيء وتشكل دوغماتيه مريرة للعقول ..

وأذكر ذلك لأن الكثير وأنا منهم سابقًا لبق في عقولهم أسطورة شيطان الجاثوم المخرس الذي لايملك “لا شغلة ومشغلة” سوى أنه يتصيّد النائمين ويستند عليهم ثم يطير في الهواء كالساحرة، ولن يستطيعوا تصديق ما سوف أقوله بشكل مناسب، وذلك لأن النقل السابق لهذه المعلومة ليس لأنها سابقة ولابقة فقط وإنما لأنها أتت من أحبابهم من الأجداد والآباء فتجد أخي القارئ الكثير سيتمسك بمعتقد قصة الغول هذه وسيجعل من الأمر صعب الفِهم؛ وبما أنك أخي القارئ بتركيزك الجيد فهمت مما ذكرته الآن أن هذا الأمر هو أسطورة خرافية وسأُطنب بذلك إطناباً جيدًا وبأدلته بإذن الله.

الجاثوم:

ويقال له: (جثّامة، وجُثمة، وركّاب، ورازم، وباروك، وكابوس، وخانق، وديثاني، ويسميه بعض الأطباء المعاصرين (شلل النوم)، وهو ما يلقاه النائمين من ثقل أو شلل يقع على أجسادهم وتضيق معه أنفسهم، حتى يكاد يخنقهم، ولا يستطيعون معه القيام أو الحركة أو الكلام او النفس لثوانٍ معدودة؛ وأفتى فيه العامة والاطباء والمتعلمين وغيرهم، وكثير منهم يخوله إلى أسباب جسدية من اضطرابات النوم، أو ضغوط نفسية، أو (غازات متصاعدة من المعدة إلى الدماغ فيشل الجسد، وهذا القول وجدت الداعية وسيم يوسف ينسبه لابن القيم ووجدته مذكورًا خلال بحثي)، أو غير ذلك مما قد يحصل في دماغ الإنسان أحياناً في أول النوم أو آخره ؛ والبعض يفسره بالشياطين وهذا التفسير ليس حصريًا في العالم العربي بل حتى بتايلندا وبعض الأوطان يفسرونه كذلك انه مصاص دماء وإلخ… وذلك لأن غالب الأقوام السابقة إذا لم تجد تفسير لشيء بسبب قِلة الأدوات العلمية والأبحاث تلصقه إلى أقرب مخرج ميتافيزيقي.

قال ابن سينا في كتابه الطبي “القانون”:

فصل في الكابوس:

ويسمى الخانق، وقد يسمى بالعربية الجاثوم، والنيدلان . 

الكابوس مرض يحسّ فيه الإنسان عند دخوله في النوم خيالاً ثقيلاً يقع عليه ويعصره ويضيق نفسه فينقطع صوته وحركته، ويكاد يختنق لانسداد المسام، وإذا تقضى عنه انتبه دفعة، وهو مقدمة لإحدى العلل الثلاث: إما الصرع، وإما السكتة ، وإما المانيا؛ وذلك إذا كان من مواد مزدحمة، ولم يكن من أسباب أخرى غير مادية “..

وإن حدودنا وأن أوائل علمنا نحن كمسلمين هو ما نجده من القرآن والسنة النبوية، وإن عارض النقل العقل فنظل متمسكين بالنقل وشريعتنا ولن نقع في أخطاء المعتزلة وأهل الملل والنحل السابقين خصوصًا عندما نفتقر لِأئمه مثل ابن حنبل وتلميذه ابن تيمية والصحابة أجمعين في هذا الزمان بذاك الفقه والعلم والحفظ ونحوه ، واللهم بارك لنا في المتبقين .. ولم أجد ذكرًا له في الإسلام أبدًا.
بل إن ذكر ذلك لدى المتأخرين فقط ولربما ذكره غيرهم؛ ولكن ما جعلني أستأنف البحث الذي أرّقني للتأكد من عدم وجود ذِكر للجاثوم لدى العلماء السابقين قول سماحة المفتي -غفر الله له ورحمه- الإمام ابن باز في أحد الأسئلة التي طُرحت عليه بتفسير مرض الجاثوم منشأة وإن كان مرض عضوي أم نفسي أم هو من الجن؟.. وأجاب سماحة الوالد الشيخ ابن باز بقوله:

( ” لا أعلم في هذا شيئاً واضحاً ” إلا أني أنصح بتعاطي التعوذات الشرعية عند النوم الإنسان يأتي بالذكر الشرعي عند النوم … إلخ إجابته رحمه الله ) مصدر : موقع الشيخ ، فتاوى على الدرب ، كيفية العلاج من مرض الجاثوم.

أي أخي الكريم :
ليس هنالك نص شرعي يثبت فيه أن الجاثوم هو شيطان وإنما أوصانا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بقراءة المعوذات طردًا للشيطان وحماية ومنها ما هو تخصص ذكره عند النوم من الأذكار وغيره بغير موضع النوم ” اي الشياطين بشكل عام ولم يخصص رسولنا الكريم الجاثوم ، اللهم اجمعنا برسولنا الكريم في جنات الخلد. 
بل إن علماء المسلمين الذين وجدتهم ينسبونه لمرض جسدي مادي لا لشيطان صُورِي، وذكرني ذلك أن قديمًا كان العالم أجمع يؤمن بالخرافة في الطب والشياطين بينما كان المسلمين يتعالجون بالعمليات الجراحية والعلاج الكيميائية ونحوه يأخذون بالأسباب والآن كَأنما انقلب الحال!


ولكن تبقى الرؤية الطبية التي تفسر ذلك، وهذا ما وجدتُ إجابته وقمت بترجمته من صحيفة ” washington post ” والذي نشر في January 27, 2018  في قسم العلوم الصحية ، بعنوان :
A prisoner in my own body: This is what it’s like to have sleep paralysis.

( يقول Adrian Williams، أستاذ طب النوم في كلية King’s في لندن وعضو الفريق الطبي في مركز لندن للنوم، إن شلل النوم هو “ظاهرة طبيعية ليست خطيرة ولكنها مؤسفة”.

بينما ننام ، تتناوب أجسامنا بين نوم حركة العين السريعة والحركة غير السريعة وخلال مرحلة حركة العين السريعة فإن أدمغتنا نشطة للغاية؛ ونتيجةً لذلك يحدث هذا عندما تحدث أحلامنا الأكثر تفصيلاً.

وأثناء النوم الحالم يكون الجسم مشلولًا لمنعنا من التصرف من خلال أحلامنا وفي بعض الأحيان يتم الخلط بين الجسم والدماغ يستيقظ بعد استمرار الشلل”.

ترافق تلك الحالات دائمًا شعورًا بالضغط الشديد على الصدر بطبيعة الحال فإن عدم القدرة على التنفس يثير مشاعر الذعر واليأس وأنه “بسبب الشلل” فإن عضلة التنفس الوحيدة التي تعمل هي الحجاب الحاجز وغالبًا ما يكون هناك شعور بعدم كفاية التنفس لأن عضلات الصدر لا تعمل”.

وذكر أن حوالي نصف السكان يعانون من شلل النوم، منهم من سوف يلاحظ ذلك بشكل متكرر والبعض الآخر مرة واحدة أو مرتين، والأعداد قليلة نسبيًا التي تسعى للعلاج، ويرى مركز لندن للنوم: أن كل شهر يصاب شخص واحد بمرض شلل النوم ؛ وذكر Williams: “في الوقت الذي يذهب فيه الشخص لرؤية الطبيب عند حدوث الشلل المستمر في العادة كثير منهم لا يعلمون أنهم يعانون من شلل النوم ، وهذا هو السبب الذي يجعلهم يذهبون للطبيب “.

ووفقًا للمعلومات من خدمة الصحة الوطنية يمكن أن يكون أسباب شلل النوم هو القلق والتوتر والاكتئاب وكذلك يصيب الذين لديهم أنماط نوم غير منتظمة وهم أكثر عرضة لخطر الاصابة أكثر من غيرهم من الذين يعانون من الاضطراب أثناء الوقوع في النوم أو الاستيقاظ من النوم.

وذكر Williams“لا يوجد مضاد حيوي لجعل شلل النوم يزول وأن أول شيء يجب فعله هو التركيز على جعل النوم أفضل بطريقة سلوكية”.

لا يمكننا معرفة العلاج إلا بعد معرفة المرض، والغريب أن الكثير ينسب شلل النوم إلى شيطانية رغم أنه لا أحد من علمائنا ذكر ذلك ولا من قبلهم من الأنبياء والرسل واليوم الطب يفسر ذلك جيدًا من قبل مختصين بالتخصصات الدقيقة ولله الحمد، فإن نسب ذلك لشيطان أمر غريب وأرى بِأنه يجب التوقف عن تداول ذلك فورًا.

الباحث: مروان بن إبراهيم المحمدي

مقالات سابقة للكاتب

6 تعليق على “الجاثوم .. واقع أم خيال؟!

ابن بذال

قديما كنت اعاني منه الامرينلكن اتغلب عليه بقراءة المعوذات فينكشف باذن الله اما اليوم فلاوجود له ولا اتذكر حالة قريبة مرت اثناء النوم .

فؤاد الحميري.

معلومات قيمة جدا..شكرا للباحث مروان المحمدي..

تميم

الله يبشرك بالجنه ونعيمها الحمدلله ما جاني وان شاء الله ما يجيني بس سمعت قصص من اصحابي يقولوا وزنه ثقيل بالمره ويكتم على نفس الواحد ما يقدر يتحرك ولا يقدر ينادي احد يفزع له وما يسيب الواحد الا وهو في الرمق الاخير وبعدين حنا الخرافه سيطرت علينا زمان يقولوا لا تقول سبعه الا اذا سميت بالله في نفسك وليله العيد مو زين تنام بدون ما تتعشى لانه يجيك واحد اخر الليل ويشوف بطنك اذا جيعان يدعى عليك بالجوع واذا شبعان يدعي لك بالشبع على طول وكنا نصدق هالخرافات بس الان الوضع تغير كثير والحمدلله تطمنا ما فيه جن ولا شياطين تكبس على نفس الواحد وهو نايم

عبدالله منصور

هو بالتأكيد جان شيطان جثم على صدرك لإيذائك لأنك ترك وردك اليومي أو عندالنوم، بالضبط مثل الشيطان الي يمتعك فتحتلم ، فقط هذا للإيذاء وقد يكون له سبب متعلق بسلوك الإنس تجاه الجان وسببب ابتعاده عن الأوراد، وإنكار الوقوف على السبب لايعني عدم وجوده بل لأنه متعذر لأنه بسبب الشياطين أو الجن ولايمكن رؤيتهم والجزم بذلك ولكن المواقف مع الناس في النوم تثبت ذلك بلا شك، وسببه الحقيقي هو الابتعاد عن ورد النوم والدليل أن الذي يقرأ الأوراد أو مستوى الهالة حوله قوي لا يأتيه الجاثوم وبإمكانك وضع استفتاء على ذلك، وشكرا لكم.

عبدالله منصور

هذه تجربة لشخص عاش مع الجاثوم 8 سنوات
وهو مختص نفسي ومع ذلك لم يستطع التخلص منه
الا بطريقة … أترك لكم الفديو التالي …
https://youtu.be/DWfkRDtrA9Y

غير معروف

اخي اني واحد من اختنق بل نوم وا قبل ما اختنق احس شي يأتي وا اختنق اكيد ما مرض هذا شي اخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *