كثيراً ما نشاهد أن الغرب وخصوصاً الأمريكان يتحدثون في اجتماعاتهم عن محاولة وضع خطط وذلك لِتغيير سلوك ودين وأفكار العرب ويخوضون في ذلك، وكأنما العرب لوح شِطرنج يتحكمون برؤسائهم، والقرارات والأفكار والأيديولوجيات بتحكيم إمبريالي ونحوه.
نعم هي تمتلك سيطرة اقتصادية وسياسيه ومصالح مشتركة، ولقد “شربكت” العولمة في البلدان العربية رغم أن العرب لو حاربوها اقتصادياً لعدموها، ولكن لايملكون سوى القنابل والشعارات و”التمقليدية”، لا كما تَشِن الطاولات المستديرة الأوروبية الحرب علينا الآن، الولايات المتحدة شريك وبيننا وبينهم مصالح مهمة ولكن “شريك سياسي” أي أنها ليست صديقة.
اقتصاد أمريكا قد اهتز سابقاً، وقد وقف وساندهم من العرب ولن أذكر الأسماء، ولقد كانت تلك اليد المَعَونة بسبب المصالح المشتركة بينهم لا المودة والتعاضد.
و أنا أجزم أن اقتصاد أمريكا لن يدوم خلال الـ ١٠ سنوات القادمة، الصين واليابان بالمديونيات فقط تستطيع الآن إعدام أمريكا في خلال أيام وأقل، وناهيك عن نمو دول البريكس السريع في الاقتصاد والذي سوف يجعل أمريكا بعيداً عن قائمة أفضل الاقتصادات، وسوف يأتي ذلك قريبًا ويسقط الغرب ويسقط “الطاووس الغربي الإمبريالي” قريباً.
(كم تمنيت أن تكون السعودية من أحد هذه الدول في البريكس)، ومن هنا: يجب أن يفهم الناس أن الحروب الآن اقتصادية وثقافية وعقلية وحروب ذكية لا في المياديين بالسيوف و”السطول المحترقة”، بل في اللعب الاستخباراتي والمعلوماتي والتقني والنفسي والثقافي والاقتصادي والمالي بالأساليب الذكية، وقد شاهدت “البدائية” في هذه الأساليب الفكرية من حضارة الروم التي كانت تعبد العقل وتنقل “ثريات” حضارتها وفكرها وثقافتها إلى ماجاورهم، وأقربها الآثار المتواجدة في الحضارة الثمودية، لقد التمست اللون اليوناني كدخيل في اللون الثمودي على بعض الجدران الصخرية، وكان هذا الدخيل يوحي أنه مضاف مؤخرًا لا في بداية بناء الحضارة الثمودية.
اللعب الآن يحتاج لعقول هادئة رزينه تعمل بالعقل عن بعد معتمدة على المعلومات والتقنيات الحديثة لا بالجسد، والعقل من قريب في ميدان مثل ميادين مصارعة الثيران الإسبانية.
” الجيش الآن بعقله وأدواته من الثورة الصناعية الرابعة لا بجسده ومكائنه الآلية المستمدة من الثورة الصناعية الثالثة” ولن تستطيع الحكومات اللعب بهذه الكروت وتوزيع الأوراق جيداً سوى عندما تنتج عقول تستطيع الاعتماد عليها وتساندها في هذا الجوف، وهنا نعلم أن كل هذا الأمر وترتيبة لا يحتاج إلى طبيب يعمل كإداري أو مهندس أو مهني تقليدي مع كامل الاحترام، بل إلى إداري وقائد متخصص في الإدارة وطليع بالتقنية والتاريخ ومجمل التخصصات الأدبية والعلمية.
الإدارة تستطيع ترتيب كل شيء وهي عظيمة وكل إنسان يستخدمها ومن يجيدها أجاد في نفسه وعقله وماله ودينه ولمن حوله، ولكن للأسف الكثير ينظر إليها كأمور ثانوية وبشكل عمومي عندما يتوفر الإداري الناجح تنهض البلد تعليمياً واقتصادياً وإنتاجياً صناعياً وزراعياً وطبياً وهندسياً ومعلوماتياً وإلخ.
الخطوة الأولى تبدأ من اختيار وإنشاء طاقم إداري لا يستهان به؛ ينظم التعليم والعقول وتدبير الاقتصاد الخارجي والداخلي موصولاً أثره إلى المنازل ومعرفة تنميطها لمواكبة الأهداف والثقافه والدين وكل شيء، ولا ننسى أن الملوك أعمالهم إدارية، وهذا يبين عظمة الإدارة التي يستهين بها الكثير ويعتقد أنها تقتصر على الروتين والأوراق والتسجيل وينسى جوانب عظيمة مثل القيادة الشاملة والتخطيط والرقابة والجودة والتطوير والاقتصاد والإدارة المالية والإدارة الطبية والصحية والحربية والاستخبارتية والثقافة والحضارة والدين والعلم وإدارة العقول والحشود والأنفس والمراكز والموجودات والتقنية وإلخ.
عندما يكون هنالك إداريون جهابذة في الوزارات سوف تنهض البلد، فلقد شاهدنا دول متقدمه في التعليم ولكنها فاشلة اقتصادياً وذلك بسبب ضعف الأدوات المساعدة لتنفيذ ملامسات التعليم في أرض الواقع، ولقد شاهدنا دول مثل إندنوسيا عندما كان وزيرها للتعليم بدأ بعمل إداري ممتاز وعَلِم كيف يربط الأمور وسَهل الوسائل حتى نهض اقتصادها، الفارق هنا هي “الإدارة الجيدة”، وفي استخدام الموارد حين توفرها، والإدارة الجيدة تصنع الموارد ثم تنظمها وتربطها وتجعل الدولة الواحدة صرحًا مترابطًا إدارياً بشكل منظم ومتعاضد، (مع التنوية المستمر الذي أذكره بالاهتمام بالعقيدة والثقافة التي سوف تشكل الاستقلال الحضاري ولكن بشكل متواكب حديث).
( واعلم أنك لو أُتيت كنوز الأرض في دولة واحدة ولم تحسن إدارتها سوف تضع بصمة عار لنفسك لأنك سوف تفشل في بناء النهضة، الموارد والآليات الكثير يعتقد أنها من أساسيات الإصلاح والنهوض، بينما أن حقيقتها هي أمر ثانوي في حالة نقطة البداية، الاصل أن التبدئة بالإدارة الجيدة والتي تنتج الموارد والآليات والأدوات، ثم تسخرها تسخيرًا مناسبًا وبكفاءة عالية)، (الموارد لاتصنع قائد، بل القائد من يصنع الموارد ويحسن استهلاكها وتنميتها، ).
مروان المحمدي
مقالات سابقة للكاتب