حي العامرية بمدينة خليص .. لعل البعض منا لم يسمع بهـذا الحي حتى مجرد سماع ، ولا غرابة في ذلك لأنه حي منسي وكأنه ليس ضمن خارطة المحافظة!..
صحيفة غران الالكترونية قامت بزيارة لحي العامرية، الذي هو عبارة عن مجمع سكنى قامت ببنائه فاعلة خير قبل ١٣ عاماً (وتحديداً في عام ١٤٢٧ هـ) لذوي الدخل المحدود جداً، يقع الحي شمال مستشفى خليص العام ..
وصلت الحي عند الساعة الثالثة والنصف، وصليت العصر معهم في المسجد الوحيد الذي هيأته تنبئك عن الحال، فالسقف به تصدعات ومستوى النظافة متواضع ، والتكييف ليس بأفضل منها حالًا، وهو منذ إنشائه بلا مؤذن ولا إمام، ولم تستلمه إدارة المساجد والدعوة والإرشاد، ودورات المياه -أكرمكم الله- غير صالحة للاستخدام.
جلست بعد الصلاة أستمع إلى شكاوى الأهالي، وما هي أهم احتياجاتهم، نظرت في وجوه من هم أمامي فكانت نظرات العيون والتجاعيد التي رسمت على تلك الوجوه الطيبة التي قست عليها ظروف الحياة قالت ما لم تقله ألسنتهم؛ وكان بجواري طفل في الخامسة من عمره كان همه الوحيد ملعب ترابي فقط !، يطلب تسوية الأرض ليمارس هو ورفاقه بالحي نشاط كرة القدم!.
بدايةً الحي يقع في مكان يصح أن نسميه (منفى)، لأنه بعيد عن الحياة العمرانية ولا يوجد به أي خدمات حتى الأساسي منها ، فلا بقالة ولا مخبز ولا صيدلية ولا أي كوخ يمكنك أن تشتري منه كوب ماء أو حلوى لطفلك!، ويتكون من وحدات كل وحدة تتكون من ٢ إلى ٣ غرف من دور واحد بمساحة صغيرة جدًا، سامح الله الشركة التي نفّذت المباني ، خمسون وحدة سكنية أُنشئت مخالفة للمواصفات الإنشائية ، استخدمت أسوأ خام إسمنتي، وألأسقف صبات خرسانية جاهزة لا تقي بردًا، ولا حرًا، ولا مطرًا، وخزانات المياه من الفايبر جلاس مدفونة في التراب لا يتسع الخزان منها لأصغر صهريج ماء ! بينما وضع لجميع الحي صرف صحي بوسط الحي في أربعة مواقع. والشوارع الصغار التي هي أشبه بالأزقة تشكو من الإهمال فلا سفلتة ولا إنارة ولا نظافة. ومما زاد الطين بِلّة وجود شركة تعمل في إسكان خليص النموذجي قامت بمحاصرة الحي بالحواجز الخرسانية وأغلقت بعض المداخل، وإذا جنّ الليل فلا تسأل عن الحال!، ظلام دامس تخشى على نفسك وأولادك حتى من الذهاب إلى المسجد كما يقول أحد سكان الحي، والحي بصفة عامة يشكو من سوء النظافة، والتشوّه البصري تراه أمامك ومن حولك وبين ممرات وطرقات الحي، فالحفر والمخلفات في كل مكان والحشرات والزواحف بأنواعها تعيش هناك، حقيقةً وضع الحي (وضع مزرٍ إلى أبعد الحدود) لإخوة لنا يعيشون بيننا، نسيناهم أو تجاهلناهم، أو غفلنا عنهم، ظروف الوقت والشدة والفاقة نالت منهم غير أن الله لهم ومعهم، سألتهم من زاركم؟، من استجاب لنداءاتكم؟، فكانت للمرة الثانية العيون تنبئك عن الإجابة!.
أخذت أتجول بالحي طولًا وعرضًا فلا أجد سوى مناظرًا تولمك، وتطرح بين يديك مائة سؤال وسؤال!، وبينما أنا أتجول استوقفني مجموعة من الأطفال قدموا لي القهوة، ولما سألتهم عرفت منهم أنهم لم يخصص لهم نقل للمدارس لا هم ولا أخواتهم، بل يذهبون بواسطة سيارات الأجرة!، وأيضاً طالبوا بمساحة صغيرة يمارسون فيها كرة القدم، أكملت جولتي في الحي وشاهدت شاحنات الأعلاف تقف على مدخل الحي وهي تفرغ حمولتها، وتغلق الطريق وتُعرّض أصحاب الحي وهم يعبرون الطريق بسياراتهم لتزيد من معاناتهم وهمومهم همًا!، وتعجبت من وجود أسواق أعلاف في ذاك المكان، ولك أن تتعجّب أنه ومع هذا الحال لم يسلم الحي من اللصوص الذين يتسللون بالليل مستغلين الظلام وعدم وجود دورية للشرطة فيسطون على البيوت كما نقل لي ذلك أحد سكان الحي !.
– من الذي اختار هذا الموقع ؟
– من هو المسؤول عن اختيار موقع للسكن الخيري؟!
– لماذا نحن في محافظة خليص دائماً نتخبط في اختيار المواقع المناسبة لمشاريعنا، حتى الخيرية منها؟!
– ولماذ زُجّ بهؤلاء الناس في موقعٍ لا حياة به، ولا صدىً حتى لصوت المنادي ؟!
– أين الدوائر الحكومية، أين الخدمات عن هذا الحي؟، أم هو ليس من ضمن اهتمام الجهات ذات العلاقة؟!.
– ومن اختار موقع إسكان خليص النموذجي بجواره؟! هل ليزيد أوجاع أهل حي العامرية؟!.
– ولكي نكون منصفين فإن هناك ميزة للحي ليست لحي من خليص حيث أنه أقرب حي لمستشفى خليص العام!، ربما لأنهم يحتاجون للمستشفى أكثر من غيرهم لكثرة أوجاعهم!!
– بلدية خليص : ومجلسها البلدي، نظرة لهذا الحي المغلوب على أمره، زودوهم بـ ٢٠ عامود إنارة، وأزيلوا المخلفات، وتعاهدوهم برش الحشرات على الأقل مرة بالأسبوع، ولا تنسوا تسوية الملعب (ولو ترابي صغير) للأطفال، وإن فاض كرمكم بخمسين شتلة حول المسجد يكونوا لكم من الشاكرين، وإن زارهم المجلس البلدي فذاك كرم وأيُّ كرم!!!!
– شركة المياة الوطنية : هذا الحي استثناء بدون أي اعتبارات وأنبوب الماء يمر قريبًا منهم فلا تتأخروا عليهم بعصب الحياة!.
– مكتب تعليم خليص : ضعوا أبناء الحي ضمن أولويات النقل العام القادم بإذن الله فهم في أمس الحاجة وظروفهم المادية صعبة.
– شرطة محافظة خليص : جيرانكم!، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بسابع جار، تعاهدوهم بمرور دورياتكم باستمرار كي تطمئن نفوسهم.
– مستشفى خليص العام : نظّموا زيارات منزلية لهم واستقبلوا مرضاهم بدون تحويل من المستوصف.
– إدارة المساجد والدعوة والإرشاد : رجاءً أدرجوا مسجدهم ضمن المساجد التي تحت إدارتكم عاجلًا.
– أهل الخير والعطاء والبذل : رمضان شهر كريم يطل على الأبواب و (الأقربون أولى بالمعروف)، فلا تذهبوا بعيدًا، فالمحتاج قريب ولا يحتاج منكم شد الرحال!.
– لكل أصحاب الرؤى والخطط الاستراتيجية لمستقبل محافظة خليص : اتقو الله فينا، يكفي تخبُّطًا!.. يكفي رمي مشاريعنا التنموية والخيرية في متاهات ووسط كثبانٍ رملية، أو جبالٍ نائية!!.
ألا هل بلغت ؟! اللهم فاشهد.