للحرية حدود 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحرية أنواع، فمنها ما يتعلق بكون الإنسان ولد حرًا ومن الجرم والظلم والاستبداد أن تستعبد إنسانًا مثلك لأي سبب كان، ربما تكون حين استعبدته أنت أقوى منه وأن الظروف مدت يد المساعدة لك وتخلت عنه فتغلبت عليه واستعبدته، وليس معنى هذا أنك قد أصبحت سيده ومالكًا له بحق، لن تستطيع أن تملكه ولن يعطيك الحق أي قانون سواء وضعي أو شرعي، حتى وإن حاولت إقناع العالم أجمع، فالحقيقة تظل حقيقة؛ وهي أنك مستبد ظالم تنتظم في سلك الشطار وهو مظلوم والله يأبى الظلم ويمقت الظالمين، وساحة القيامة تجمع المتخاصمين والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد أعلنها صريحة مدوية في سمع العالم وبصره حين قال: (ألا إن المسلم أخو المسلم، فليس يحل لمسلم من أخيه شيء، إلا ما أحل من نفسه).

إذًا هذه حرية قد كفلها الله للمسلم بل تمتد إلى خارج دائرة الإسلام إلى الإنسانية جمعاء، وكما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا) هذا نوع من أنواع الحرية أيضًا المكفولة لكل إنسان.

ثم إن الله سبحانه وتعالى خير الإنسان في معتقده بعد ما بين له طريق الخير وطريق الشر، ثم قال له سبحانه وتعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ )الآية ٢٩ من سورة الكهف، فالإنسان حر في دخول الإسلام ولكنه ليس حرًا في الخروج منه، وليس كما يقول بعض المغرضين والذين يعشقون الفوضى إن الإنسان حر في معتقده يسلم متى يشاء ويكفر متى يشاء ويتخذ أي دين شاء، وهذه الفكرة أو المقولة الفوضوية هي التي جعلت بعض البشر يدخل في دين أول النهار وفي آخر النهار يخرج منه ويتخذ دينًا ومعتقدًا آخر حسبما تقتضيه المصلحة، لذا يجب أن تكون الحرية مقننه هذا شرع الله وليس لنا إلا التسليم.

أما الحرية التي نسمعها اليوم بل قل الحريات حرية الملبس حرية المأكل حرية المشرب حريات هذا العصر قلبت أمور الناس ظهرًا على عقب، إنه اختلال في توازن الطبيعة؛ فعندما يلبس شخص ما لباسًا لا يليق ثم يسير بين الناس في الميادين العامة بل قد تطور الأمر إلى ارتداء الملابس الغير لائقة حتى في بيوت الله المساجد مدعيا أنه حر يلبس ما يشاء فليس للناس دخل في خصوصيته، فإن مثل هذا قد فهم الحرية بطريقة معكوسة ولو أنصف لأعطى الناس الحق في أن يكونوا أحرارًا في انتقاد ما أتى به من فعل لم يرتضوه، فهم أيضا أحرار في عدم قبول هذا الفعل الذي ظهر منه لأنه يؤذي مشاعرهم ولو سلمنا جدلا أن الإنسان حر حرية مطلقة فلماذا إذًا سنت القوانين الرادعة؛ فعلى سبيل المثال تعطي بعض المجتمعات والدول الإنسان الحرية في معاقرة الخمر فلماذا يتم إيقافه إذا أسرف في شربها؟ لماذا تقيد حريته؟ إذًا حتى القوانين الوضعية في المجتمعات اللادينية والملحدة قد قيدت حريته لأنه تجاوزها وبدأ يهدد حريات الآخرين؛ هذا أمر مسلم به ولا جدال فيه، فلماذا عندما يشرع الإسلام شرائع يهاجمونه وينتقدونه بأنه يقيد حريات الناس؟

ولكن في الحقيقة القضية ليست في تقييد الحريه أو تركها، بل القضية أن الإنسان في كل عصور التاريخ يريد أن ينطلق إلى غاياته بدون قيد أو شرط أو رقيب، وهو ما يجعل الحياة فوضى وهذا مبتغى إبليس وأتباعه، يلون ألسنتهم بالقول يحرفون الحقائق ويغالطون أنفسهم لشيء ما في نفوسهم الإمارة بالسوء وصدق الله العظيم إذ يقول (بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ).

إنه صوت وخزات الضمير الذي لا يريد هؤلاء سماعه، إذًا فالحرية مقننة وليست مطلقة في كل الأديان والعقائد والأيدلوجيات وفي كل المجتمعات وكما يقول المثل (إن حرية يدك تنتهي عند بداية حرية عيني) فلا يجب على المرء أن يكون أنانيًا محباً لذاته كالمطففين؛ يقول أنا حر أفعل ما أشاء وإذا فعلها غيره قال: لقد انتهكت حقوقي وتعديت على حريتي، وهذا ليس من الإنصاف في شيء، ومادام الإنسان قد اعترض على غيره ورأى أنه تعدى على حريته فيفهم من ذلك أن ليس هناك حرية مطلقة في أي ناحية من نواحي الحياة؛ فالحرية نسبية ومقننة هذا لمن يبحث عن الإنصاف والعدل، أما من يبحث عن الفوضى فالتاريخ مليء بأمثال هؤلاء، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.

إبراهيم يحيى أبوليلى

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “للحرية حدود 

الانصاري

السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
الاستاذ الفاضل ابواحمد كعادتك متألق ومبدع تعرف متى تتحدث ومتى تلتزم الصمت حينما قرأت مقالاتك وجدت بها عده رسائل تسعى من خلالها الى الوصول الى هدف نبيل وهو لا يمكن لاي مجتمع ان ينهض والمعامله تتم فيه على اساس طبقي وعنصري وانسلاخ من هويته تحتى مسمى الحريه التى تتنافي مع العدل والمساوه بين الجميع
الحريه يجب ان تمارس وفق ضوابط دينيه واخلاقيه ومتلائمه مع طبيعه المجتمع وعاداته وتقاليده وان تكون خاصعه للقوانين وان ليس هناك حريه مطلقه وذالك حفظ لنسيج المجتمع من الانهيار
يقول مانديلا عن الحرية  ” أن تكون حرا ليس مجرد التخلص من القيود بل هو أن نعيش بطريقة تحترم وتعزز حرية اﻵخرين “.
يجب ان لا نسيئى مفهوم الحريه وان نحسن استخدامها وان لا نبرر افعالنا واقوالنا وتصرفاتنا
تجاه الاخرين بانني حر فيما اتخذته واتخذه من قرارت فيها امتهان لكرامة الاخرين وسلب لحقوقهم واذلال لهم واستعباد لهم فالدنيا دواره لا يستقر لها حال قال تعالى ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) ((أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ))
وان لا نطلق العنان للسان وللقلم تحت مسمى حريه القول والكتابه والابداع لنتجرى على حدود الله والقفز فوق الثوابت والقيم الاسلاميه
قال تعالى ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله عز وجل بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه
نسال الله لنا ولكم رضاه والجنه وان يجزيك عنا خير الجزاء

محمد الصحفي

صدقت أخي العزيز
في هذا الزمن انقلبت المفاهيم واختلطت الأمور
وأصبحنا نرى منكرات عياناً بياناً ونجد من يطبل لها ويمتدحها
الحجاب والحشمة وعدم الاختلاط بالرجال معاني بدأت تتلاشى

مراد المصباحي

سلم بنانك وأعلى الله شأنك ، يا أبا ليلى ، مقالك شاهد على كثير من التناقضات التي تعيشها المجتمعات القاصية والدانية ، يدعون أنهم أنصار للحرية وهم أول من يعاديها ، إما أن تكون معي أو ضدي ، ليس هناك حل وسط ، نحن في زمن التناقضات والماديات أقلام مأجورة ، وآراء مبتورة نسأل الله السلامة .

اوجاع كاتب

سيدي مقالتك قيمه وشامله ووضعت يدك على موضع الالم لداء استشرى في المجتمع بسبب سوء فهم ممارسة الحريه فالحريه لا تعنى الانفلات وليست فضاء مفتوح او السير عكس اتجاه الفطره الانسانيه لان ذالك من سماة المجتمعات المتخلفه التى فقدت القيود الاخلاقيه والقانونيه لانها باعثة للفوضى المطلقه في المجتمع وانتشار للافكار المنحرفه والتصرفات الهمجيه لذالك يجب ان تكون هناك ضوابط للحفاظ عليها فالحريه الحقيقيه مبدأ هدفها حفظ استقرار المجتمع وتنميته وتطويره وليس زعزعته مع الاخذ بالتقاليد والاعراف وليس الانحلال فهناك من اساء للحريه لسوء فهمه لها فاخذ يعبر بذالك بممارسة الفوضى في الشوارع وفي الاماكن العامه ابتداء برفع اصوات الموسيقى والازعاج والسرعه وتهديد النسل والحرث وانتهاء برقصة كيكي وهناك من لم تسلم الجدار من كتاباته الخادشه للحياء والامثلة كثيره ويصعب حصرها الحريه رائعه وتكمن روعتها حينما نستشعرها من روعة هذا الدين الذي حررنا من كل قيد انها حرية بناء لا هدم

تميم

الله يسعدك ابو ليلى ذكرتني بموقف مع الوالد الله يحفظه عن التقليد مره اخذت فلوس من الوالد عشان اروح احلق شعري وانا عند الحلاق قلت خليني اغير الاستايل حق الحلاقه المهم سويت قصة شعر زي عرف الديك والاخ راجع البيت فرحان ومبسوط بالقصه الجديده والله وكيلك اول ما دخلت البيت وشافنى الوالد نط فوقي والله يا انجلدت جلد ولا احد قدر يفزع ليه وسحبنى باذني وعلى اقرب حلاق وحلاقه ع الزيرو هههههه عاد كيف لو ربطت شعري ببكله زي بعض الشباب اليوم كان صرت في عداد المتوفين والله يا استاذ كل اللي كتبته صحيح وواقع نسال الله الهدايه المصيبه يقولوا فيه بنات بيحلقوا شعورهم ع الزيرو وبعضهم شعرها زي العيال قصير ومحدد وبعض الشباب يربط شعره ببكله شقلبتهم الموضه والتقليد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *