هل الإيمان للأُمِّيِّين والفقراء ؟!

كثيرًا ما نقرأ ونسمع أن بعض كبراء القوم من فلاسفة ومتعلمين ومثقفين، وأساتذة رأي منذ عصر التاريخ لا يعيرون اهتمام للأيمان، ومنهم من يتباها بجحوده ربما يخشون أن يفقدوا بعضًا من امتيازاتهم، ومكانتهم بين الأميين والفقراء.

ويرون أنهم ليسوا في حاجة إلى الإيمان طالما أنهم يتمتعون بثرائهم وجاههم فإذا ما تتبعنا مشاهد التاريخ نجد أن الأنبياء وهم أئمة الإيمان لم يؤمن معهم إلا قليل وهذا القليل من أوائلهم الفقراء والمستضعفين أما الأغنياء وأصحاب الجاه والمكانة فهم أول من تصدى لدعوة الأنبياء منذ نبي الله نوح مرورًا بأبي الأنبياء إبراهيم علي أنبياء الله افضل الصلاة والسلام.

 فالقران يتحدث عن قصصهم وينعتهم بالكبراء والملأ والقوم ففي اللغة العربية إذا ذكر الملأ فكثيرًا ما تعني هذه الكلمة علية القوم وذوي المكانة النمرود بن كوش، وفرعون وهامان وقارون، كلهم من علية القوم وهم الذين ناوئوا إبراهيم وموسى وقس على ذلك معظم الأقوام الذين أرسل إليهم رسل حتى نصل إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ فإن من أوائل من اسلم منهم الضعفاء لذلك كان الاضطهاد شديدًا وقاسيًا عليهم فهم الذين أصبحوا بعد الهجرة ينعتون بأصحاب الصفة، وهي الزاوية بجانب المسجد يجتمع فيها الفقراء من أصحاب النبي ﷺ أما أصحاب الجاه كأبي جهل عمرو ابن هشام وعبد العزى أبي لهب وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط ومن لف لفهم وسار في ركابهم فقد (استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا  كبيرًا ) ورأوا أنهم أعلى شأنا من أن يؤمنوا بإله آمن به الضعفاء والفقراء ويستمر قطار الجحود والكبر ولعنجهية مقرونًا بمن ظنوا أنهم لا يحتاجون إلى الإيمان إلى يومنا هذا.

 ولقد جسد هذا الرأي الشاعر العراقي جميل صادق الزهاوي في ملحمته المسماة (بثورة في الجحيم) – وهو يحاكي الفيلسوف (دانتي) في ملحمته (الكوميديا الإلهية)- حيث سرد إي الزهاوي قصة منامه وقد رأى نفسه قد مات بعدما جحد الإيمان فرأى نفسه يعذب في القبر من قبل الملكين الذين أقعداه للسؤال وفي يوم الحشر رأى أنه قد حشر إلى جهنم وقبل أن يزج به في الجحيم ذهبت الملائكة به إلى الجنة ليرى ما فاته من النعيم فيتحدث عن مشاهداته فإذا به يرى أهل الجنة إنما هم من الفقراء والبلهاء على حد زعمه وفي المقابل عندما ادخل الجحيم رأى أهله من الفلاسفة والمفكرين والأدباء والشعراء حتى أنه ذكر بعضهم وليس هذا مكان ذكرهم حتى لا يطول الحديث ومجمل القصة أن أهل النار اخترعوا آلة تطفئ لهيبها -بزعمه وكذب- بما انهم مفكرون وعباقرة وقاموا بثورة في الجحيم ليستولوا على الجنة إذ أنهم أحق بها من أولئك البلهاء نعوذ بالله من الخذلان وفي عصرنا الحديث هناك من يؤمن بهذا الاتجاه الخاطيء وهم من يسمون أنفسهم أهل اليسار أو اليساريين والمتنورين ويصمون مناوئيهم بكل نقيصة وهذا إنما هو من تدبير إبليس ليحشد ويحشر معه رفقاء في الجحيم .

وهذا الكلام ليس مطلقًا وعامًا بل هناك من أصحاب الجاه والمكانة المرموقة في الأمة من يؤمن بالله إيمانًا راسخًا وينافح عن الدين بنفسه وماله لا يبتغي سوى مرضاة خالقه، وهناك أمثلة كثيرة فعلى سبيل المثال أبا بكر الصديق أول من آمن بالرسول من الرجال ووضع جل ماله بين يدي النبي وكذلك عثمان بن عفان ذا النورين الذي قال عنه رسول الله حين جهز جيش العسرة (ما ضر عثمان ما فعل بعد ذلك) وفي وقتنا الحاضر هناك رجالات من أصحاب المكانة والجاه من بذلوا الغالي والنفيس في خدمة الدين فالقضية ليست مطلقة إنما هي نسبية ..

نعم كل مخلوق من الإنس والجن المكلفين يحتاج إلى إيمان لينجو (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).

إبراهيم يحيى أبو ليلى 

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “هل الإيمان للأُمِّيِّين والفقراء ؟!

غير معروف

مقالة ججججميلة جداً

وضاح

لسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هؤلاء يملكون قوة عظيمه إرادة حره وقناعه راسخه تحملوا من اجلها سوء الأحوال و الصعاب أكرمهم الله بإيمان مطلق ان الجنه هي دار القرار ذالك الإيمان كان لهم البلسم الشافي والمواساة الحقيقة لتحمل كل ألوان العذاب والبطش والذل
استاذي الفاضل هؤلاء يملكون مفاتيح القوة الحقيقية التى استمدوها من عمق إيمانهم بالله والتمسك بدينهم ففي صبرهم قوه وحلمهم قوه وفي شجاعتهم قوة كانوا يسيرون بالاتجاه الصحيح لانهم لم يبحثوا عن قوتهم عند غلاة القوم وكبرائهم الذين سلكوا طريق الباطل
انهم عظماء سطر التاريخ بطولاتهم وإنجازاتهم
قال تعالى ((وقالوا لولا نُزِّل هذا القرآنُ على رجلٍ من القريتين عظيم. أَهُمْ يقسمون رحمة ربِّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجات ليتّخِذَ بعضهم بعضًا سُخْرِيًّا ورحمةُ ربِّك خيرٌ مما يجمعون))
في احد المعارك قال صل الله عليه وسلم لاصحابه بعد انتهاء المعركه هل تفقدون من احد قالوا نعم فلان وفلان وفلان ثم قال هل تفقدون من احد قالوا فلان وفلان وفلان قال هل تفقدون من احد قالوا لا قال صل الله عليه وسلم لكنى افقد جليبيب فاطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قتلهم وقتلوه فوقف النبي صل الله عليه وسلم وقال هذا منى وأنا منه ثم حفر له ووضع في قبره وجليبيب رضى الله عنه كان لا يملك من متاع الدنيا شيئ ولكن يملك قوه الإيمان الحقيقية
استاذنا الفاضل ابواحمد لا يستغرب الإبداع وهو يأتي من مصدره حفظك الله وجزاك الله عنا خير الجزاء

عمران إبراهيم بكر فلاته

ليس بعد هذا الجمال جمال البخور يطيب المكان وكلامك يطيب الأرواح أنثر إبداعك واملأ دلوك من الكلمات وأفرغه في قلوبنا لترتوي من أحرفك الجميلة وقربنا من نهر إبداعك ودعنا نرتشف منه صباحا ومساء علنا نصيب منه مايعلمنا كيف نستقي الأحرف ونرتشف الكلمات
مما يزيدني شرفا بك شخصيا
أنك سمي والدي رحمه الله
وولدي نور الله طريقه للهدى والصلاح وأولادك
وجميع أولاد المسلمين

عواطف منير الثلابي السلمي .

في هذه الدنيا يمتلك الانسان من العلم والفهم مايشاء وهذا من عدل الله سبحانه وتعالى في الكون ،لكن نور البصيرة والهدايه للايمان والطريق المستقيم يعطيها الله لمن يشاء من عباده المخلصين ويوفقهم للسير إليها

(خلق الله العقول لتتدبر في ملكوت الله وبديع خلقه ، لكن هناك من يحرص على طريق الضلال ويدافع عنه بشتى الوسائل ولوكان في داخله إيمان يكابر مثل فرعون )

ابدعت استاذ ابراهيم جزاك الله خير ..

تميم

أستاذ ابراهيم الله يسعد ايامك بصراحه مقال كامل الدسم وللأمانة اللي يبي يستفيد يقرا لك والحلا يكون من تعليقات ابو الوضوح والأستاذة عواطف وبكذا اكتملت الوجبه مع الحلا والمعذرة لو جيت أنا بتعليقي وحست الأكل والحلا كفار قريش أبولهب وشلته قتلتهم عنصريتهم ونظرتهم الطبقيه وغرورهم وتكبرهم بالله واحد يعبد صنم هذا عنده عقل أو مفهوميه معمى البصيرة يفكر ان لو اسلم راح يفقد الامتيازات اللي زينها الشيطان في عقله معليش أنا مركز على ابو لهب كمثال
للسيئين والأمثلة كثيره وما نقول الا الحمدالله على نعمة الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *