مساء الخميس الثامن من صفر ذهبت بي أقدامي إلى مكان لم آتي إليه منذ ثمانية أعوام، مررت بجانبه بسيارتي وكأنها ترفض الدخول إليه.. مكان يعبق بأريج الذكريات.. مليء بأجمل الحكايات، وصخب الطفولة!، مواقف وعبرات وضحكات!.. آلام وآمال وصولات وجولات.. هنا في هذا المكان.. في هذه الأطلال، تعلمت من كل شبرٍ فيها.. من طرقاتها، من منازلها، من مجالس رجالها.. دروس وعبر وعظات رسمت شخصيتي وأثرت حياتي.. هذا المكان لا يشبه أي مكان آخر..!، أقصده للترويح عن النفس وتصفية الذهن والعمل والجلوس مع شخص لن يتكرر ليس في القبيلة فحسب بل على مستوى المنطقة، رجل كانت كل لحظة معه بدرس!
تتساءلون أين هذا المكان؟! .. إنه مكان بسيط جدًا.. هي مجرد مزرعة، ولكن كانت تعني الكثير بالجلوس مع جدي “عبدالرزاق محمد الصحفي” -رحمه الله- كيف لا.. وأينما أقمت أو حللت في مكان بمجرد ذُكر اسمه أجد كل الترحيب والتقدير والاحترام وعبارة تتردد في كل مرة وأسمعها من الجميع: رَحِم الله من عقّبك!.. اللهم ارحمه واعفُ عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
دعاني هذا الموقف أن أكتب بيتين بسيطين ولكنهما يحملان ما جال بخاطري؛ لشدة وقوة الموقف:
حاير ودمعي على الأطلال
وفكل مطرح أشوفه فيه
مرحوم يا معلم الأجيال
يا رب في جنتك تسقيه
محمد مرزوق عبد الرزاق الصحفي
مقالات سابقة للكاتب