وضع الله تعالى في الإنسان الخطأ، وجعله سبحانه طبيعةً بشريةً لا تنفك عنه، وميّزه بفوائد كثيرة، منها أنّه أداة رائعة للتطوير بالنسبة لجميع أطراف الخطأ.
فالمخطئ الذي قام بالخطأ سيتعلم أمراً جديداً.
والمخطأ عليه سيتعلم معنى الظلم، ويتعلم كيف يتعامل مع المخطئ،والخطأ ذاته.
والمشاهد الذي شاهد الخطأ بمعاينته بعيداً عن ذاته،يتعلم خبرةً جديدةً بشكلٍ مجاني دون الخوض في خسائر تلك الخبرة المُشاهَدة.
وسامع خبر الخطأ من الناس،سيتعلم الخبرات عن طريق السماع؛ ليوفر على ذاته عناء دفع تكاليف خبرات مدفوعة الثمن.
وقارئ خبر الخطأ “من الكتب”،سيتعلم أيضاً من كنوز خبرات التاريخ؛ ليحفظ نفسه -بإذن الله تعالى- من احتمال وقوعه في خبرات مماثلة.
فإذا نظرنا إلى الخطأ على أنّه قدر من الله تعالى، وأنه يمكن أن يكون خطوةً لتعلم الإنسان، واعتقدنا أن العيب ليس في خطأ الإنسان، وإنما العيب هو عدم قدرته على الاعتراف به،ثم عدم القدرة على إصلاحه.
إنه من هذا المنطلق الفكري لأهمية نوعية الصورة الذهنية عن الخطأ؛يمكن لنا أنْ نتجاوز مجرد العلم بالخطأ -سواء من الفرد أو من غيره- وتداوله في المجالس، والتسابق في تعبئة جيوب الحاضرين بقصص ذلك المخطئ كحدٍ أدنى، أو التعريض به والشماته بصاحبه كحدٍ أقصى،نتجاوز ذلك كله إلى جعل ذلك الخطأ لبنةً جديدة تُضاف إلى بيت الحياة، وشرياناً متدفقاً يرتوي منه العقل، وكجهاز إنذار ينذر بشكل غير مرئي، ووعينا وبصيرتنا وحكمتنا تجعلنا ننفذ إلى فهم إشارته.
إننا إنْ نجحنا في ذلك؛ فنحن نزيد من مساحة الاستفادة من ذلك الخطأ.
فالعقل،سيقوم بإصلاح المعلومة الخطأ في داخله، والتمتع بجمال وظيفته التكليفية بمعرفة عواقب الأمور، وامتيازه بالصحة المعلوماتيه المطلوبة في الحياة.
والقلب، سيشعر بالتواضع وقبول المعلومة الجديدة، والحماية من احتمال تعرضه لأمراض القلوب من عُجبٍ وكِبرٍ وغرور.
وستتمتع بقية الجوارح بالصحة الأدائية المطلوبة في الحياة.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي