منذ فترة رأيت مريضين بنفس الأسبوع ، الأول تعرض لحادث مروري وأصيب بشلل في الأطراف السفلية ، فلا يستطيع الحراك إلا بواسطة كرسي متحرك ، ولكنه تغلب على ذلك وأصبح يقود سيارة مصممة خصيصاً لمن هم في مثل حالته ، واستطاع أن يتنقل ويمارس حياته اليومية وأعماله التجارية ، التقيت به فإذا هو منشرح الصدر باسماً متفائلاً ، وكان صاحب بديهة حاضرة وفكاهة جعلت لقائي به ممتعاً.
أما الآخر فقد جاء إلى العيادة مرتكزاً على أحد أقاربه وعليه مسحة حزن ، وعند فحصه كانت كل فحوصاته جيدة ، ولكن تبين لي أنه تسيطر عليه فكرة أن لديه مرضاً خطيراً وأن نهايته قريبة ، حتى أنه انقطع عمن حوله ، وأنزوى بعيداً .
قضيت وقتاً طويلاً في سبيل إقناعه بأن صحته جيدة وأن فحوصاته لا يوجد ما يشير فيها إلى مرض خطير ، وأن هناك من المرضى من هم في حالة أسوأ منه ويعيشون حياتهم بصورة طبيعية ، ولكن دون جدوى ، فقد سيطرت عليه الأفكار السوداوية وجلبت له المرض من داخل نفسه ، فآثر أن يبقى أسيراً لتلك الأوهام ويستسلم لها.
فعلمت أن قوة المرء تكمن في قلبه ، وسعادته تنبع من داخل نفسه … وأن طريقة استقباله للمرض هي التي تحدد حالته الصحية والنفسية.
أ. د. سعد الشهيب
أستاذ واستشاري أمراض الكلى بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة