استقبال المرض

منذ فترة رأيت مريضين بنفس الأسبوع ، الأول تعرض لحادث مروري وأصيب بشلل في الأطراف السفلية ، فلا يستطيع الحراك إلا بواسطة كرسي متحرك ، ولكنه تغلب على ذلك وأصبح يقود سيارة مصممة خصيصاً لمن هم في مثل حالته ، واستطاع أن يتنقل ويمارس حياته اليومية وأعماله التجارية ، التقيت به فإذا هو منشرح الصدر باسماً متفائلاً ، وكان صاحب بديهة حاضرة وفكاهة جعلت لقائي به ممتعاً.

أما الآخر فقد جاء إلى العيادة مرتكزاً على أحد أقاربه وعليه مسحة حزن ، وعند فحصه كانت كل فحوصاته جيدة ، ولكن تبين لي أنه تسيطر عليه فكرة أن لديه مرضاً خطيراً وأن نهايته قريبة ، حتى أنه انقطع عمن حوله ، وأنزوى بعيداً .

قضيت وقتاً طويلاً في سبيل إقناعه بأن صحته جيدة وأن فحوصاته لا يوجد ما يشير فيها إلى مرض خطير ، وأن هناك من المرضى من هم في حالة أسوأ منه ويعيشون حياتهم بصورة طبيعية ، ولكن دون جدوى ، فقد سيطرت عليه الأفكار السوداوية وجلبت له المرض من داخل نفسه ، فآثر أن يبقى أسيراً لتلك الأوهام ويستسلم لها.

فعلمت أن قوة المرء تكمن في قلبه ، وسعادته تنبع من داخل نفسه … وأن طريقة استقباله للمرض هي التي تحدد حالته الصحية والنفسية.

 

أ. د. سعد الشهيب
أستاذ واستشاري أمراض الكلى بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة

2 تعليق على “استقبال المرض

عبدالعزيز بن مبروك الصحفي

بالنسبة للمريض الأول كانت لدية جرعة إيمانية قوية وثقة وتوكل على الله، فتقبل الأمر بإيمان ورضى؛ فكانت النتيجة أن أخذ مسارًا جديدًا لحياته بما يتناسب مع وضعه الذي هو فيه، فأستمرت حياته الطبيعة وبحالة نفسية صحية وإبجابية.
أما المريض الثاني ربما تجمعت عليه ضغوط وتراكمات من أحداث ماضية فجعلها إطارًا حولة فعاش داخل محيطها مما أوصله لما هو فيه.
يعتبر الأول إنموذجًا ناجخًا وإيجابيًا تعامل مع المرض بإستراتيجية معينة فاوصلته إلى الإيجابية التي هو مستمتع بها، من الممكن بواسطة أخصائي نفسي إستخراج إستراتيجية الأول، وغرسها في الثاني إذا كان لدية الرغبة للخروج مما هو فيه.
بموجب خبرتي؛ أرى أن ذلك أمرًا مقدورًا عليه عند وجود الرغبة عند المريض الأول للخروج مما هو فيه؛ ولن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا ليحصل على التغيير الإيجابي المناسب بإذن الله.

متعب الصعيدي

نشكر صحيفة غران الغراء على هذه الزاوية المفيدة
ونشكر الدكتور سعد على هذه المقالة
صدقت الحالة النفسية لها دور كبير في العلاج
وكثير من الناس يشعر بالتحسن إذا كان لديه شعور إيجابي تجاه الطبيب أو العلاج وهذا مشاهد وملاحظ
بعض الناس عنده اعتقاد في أن الكي يعالج كل الأمراض فإذا تكوى أحس أنه طبيب ومافيه شي حتى لو كان الكي ما يعالج مرضه لكنها الحالة النفسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *