إن الله سبحانه وتعالى برحمته بعباده يختار لهم الخير ويدلهم عليه فمن رحمته سبحانه أن جعل لهم من الأعمال ما يدخلهم بها في رحمته فقد أوجب عليهم واجبات وفرض عليهم فرائض ثم أعطاهم نوافل يزيدون بها من طاعتهم لربهم ونيل الحسنات ، ومن هذه الأعمال أعمال التطوع وكثيرة هي ومتنوعة وفي مجالات شتى ..
يقول الله سبحانه وتعالى ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) (9) سورة الانسان..
والتطوع هو باب من أبواب الخير ، يجد الانسان راحته فيها حين يقوم بمد يد العون إلى أخوته المسلمين الذين هم في حاجة إلى هذا العون ، وهناك أوقات تزداد فيها أعمال التطوع فمن ذلك ما نراه في الأشهر التي يكثر فيها التطوع كشهر رمضان المبارك لما فيه من حدب ورأفة من قبل الناس على بعضهم طلباً للأجر والثواب ، وكذلك أشهر الحج وخدمة ضيوف الرحمن ، ولا يقتصر ذلك على هذه الأوقات بل يمتد هذا العمل النبيل طوال العام ..
وقد أكرم الله هذه البلاد بما حباها من موقع ففيها يقع الحرمين الشريفين المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة ، وأعظم أعمال التطوع هي خدمة الحجاج والمعتمرين ، وقد يجعل الانسان الذي يعمل بأجر جزء من عمله تطوعاً ليبارك الله في عمله وأجره ونحن نرى في بعض الأحيان الشباب كالنحل وهم يقومون بأعمال التطوع فرحين تغمرهم السعادة، كيف لا وعمل التطوع حقيقة يجلب البركة والسعادة للإنسان ، وأهم ما في الأمر أن يكون هذا التطوع ابتغاء رضوان الله والأجر والثواب منه وحده ولا يطلب الثناء والمدح من المخلوقين ..
ولقد رأيت ذلك العمل بما أنني أمضيت أكثر من ٤٠ عاماً في خدمة الحجاج ولله الحمد ، ولقد أكرمني الله بأن أعمل كذلك في جمعية البر بمحافظة خليص ، هذه المحافظة التي رأيت فيها أناساً يتسابقون في عمل الخير متطوعين من الجنسين سواءً من المسئولين أو من كبار السن أو الشباب الذين يقفون على الطريق الرابط بين الحرمين يقدمون للحجاج والمعتمرين والزوار ما يعينهم على أداء المناسك ..
وكل ذلك ابتغاءً لما عند الله من الثواب ويتنافسون في تقديم ما يرسم البسمة على وجوه المحتاجين لهذه الأعمال النبيلة ، وتمر بي من الأمور التي تجعل الانسان تدمع عيناه حينما يرى المتطوعين وهم يبذلون كل الجهد لإدخال السرور على المحتاجين الذين قدمت لهم عملاً قد تحسبه أنت هيناً وهو عند الله من أعظم الأعمال التي يثاب المرء عليها .. وليس المطلوب من المتطوع إلا ما يقدر عليه ، ونسأل الله أن يبارك في الجهود وفي الجماعة والتكاتف والتعاضد .
ولقد رأيت في عمل التطوع سعادة لا مثيل لها اذ تجعل الإنسان حين يأوي إلى فراشه تغمره سعادة يتمنى أن يوزعها على كل البشر لينعموا بها ويشعروا بما يشعر به ، وأكرر القول إن من شروط السعادة بهذا العمل أن يكون خالصاً لوجه الله وحده وليس لطلب الثناء .
اسأل الله أن يبارك في أعمالنا وأعمارنا إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب