العلاقة بين الأسبرين .. والقلب ؟

زاد اللغط حديثاً عن دواء الأسبرين في وسائل الإعلام العالمية وسبب ذلك عدم وضوح الرؤية في استخدام الأسبرين لدى عامة الناس وخصوصاً أن هناك مفهوماً خاطئاً راسخاً لدى أذهان البعض أن الأسبرين هو الدواء الواقي لأمراض كثيرة للجسم ومنها القلب.. وليس منه ضرر نهائياً .

لذلك نلخص الموضوع في مفاهيم مهمة:

أولاً:

الأسبرين مازال دواء مهماً وركيزة مهمة في علاج أمراض القلب والوقاية من جلطات القلب وضروي جداً لبعض مرض القلب مثل من أصيب بجلطة قلب حادة أو لديه جلطات سابقة في القلب أو الدماغ أو لديه دعامات شريانية تاجية.

ثانياً:

ما نشر حديثاً هو فقط يدور حول فائدة الأسبرين في من ليس لديهم جلطات سابقة في القلب أو الدماغ أو شرايين الأرجل وكذلك من ليس لديهم عوامل تجعلهم في خطورة عالية من حدوث الجلطة.. وفي تلك الفئات حصراً الأسبرين تم إيقافه علمياً لأن ضرره أكبر من فائدته.

ثالثاً:

الأسبرين بلاشك يقلل التصاق الصفائح ويحمي من الجلطات، ولكن المشكلة أنه يزيد نسبة نزيف المعدة وتقرحاتها وبالتالي قد يعرض المريض إلى ما لا تحمد عقباه وبالتالي توزن المنافع والمضار في كل حالة على حدة.. ولا يعطى لشخص سليم إلا إذا كانت منافعه أكبر من مضاره المحتملة بحساب عوامل الخطورة الموجودة في ذلك الشخص .

رابعاً:

بعض الناس يعتقدون أن أسبرين الأطفال المغلف يحمي من النزيف.. وهذا مفهوم غير صحيح لأن سبب النزيف هو تأثير الأسبرين على الصفائح الدموية في جميع أجزاء الجسم مما قد يسبب النزيف في الدماغ أو الأنف أو الجهاز الهضمي (وذلك بنوعيه الواضح للعيان أو الميكروسكوبي مسبباً أنيميا مزمنة وبالذات في كبار السن) أو نزيف من الجهاز البولي وكذلك تثبيطه لتصنيع البروستاسايكلين التي تحمي جدار المعدة.

خامساً:

الوقاية الأولية: هي أخذ الأسبرين للإنسان السليم الصحيح المعافى الذي لم يصب بجلطات سابقة – سواء كان لديه أمراض مزمنة أم لا.. مثل الضغط والسكر والكلسترول – للوقاية من جلطات القلب والدماغ وفاعليته في حدود 10 % بشروط. أما الوقاية الثانوية: هي أخذ الأسبرين لمن أصابته جلطة سابقة في قلبه أو دماغه أو ساقيه (شريانية وليست وريدية)، وذلك لمنع حدوث الجلطة مرة أخرى.. وفاعليته 20 % أما العلاج فهو للإنسان الذي لديه جلطة حادة حالية في القلب أو الدماغ ويحتاج لأخذ الأسبرين لتقليل احتمالية وفاته في تلك الجلطة وتوسعها وفاعليته25 % وبذلك يتضح أن الأسبرين أكثر فعالية في العلاج منه في الوقاية الثانوية، وفي الوقاية الثانوية منه في الوقاية الأولية، وذلك بسبب تناقص الخطورة تدريجياً

سادساً:

من شروط تناول الأسبرين للوقاية أن المريض ليس لديه عوارض قرحة في الجهاز الهضمي أو نزيف سابق في الدماغ أو المعدة أو أجزاء الجسم الأخرى أو قابلية معلومة للنزيف مثل الهيموفيليا وأمراض تليف الكبد أو نقص الصفائح الدموية أقل من ثلاثين ألفاً. وأن يعلم أنه من الممكن أن يحصل للشخص نزيف في المعدة أو الاثني عشر بسبب الأسبرين وأن ذلك الشخص يفضل الوقاية من جلطة القلب مقابل التعرض لاحتمالية نزيف المعدة الذي يمكن أن يكون في بعض حالاته أخطر من بعض جلطات القلب، وليس لديه حساسية معلومة للأسبرين ويكون احتمال إصابته بجلطة في القلب خلال السنة القادمة أكثر حسب معادلة فرمنقهام أو معادلة الجمعيه الأميركية للقلب أكثر من 1 % ويكون لدى الشخص القدرة والاستعداد على أخذ الدواء يومياً والاستمرار عليه لسنوات طويلة في سبيل الحصول على منفعة الوقاية.

سابعاً:

الأسبرين دواء فعال في علاج من لديهم جلطات قلب حادة، وكذلك في الوقاية الثانوية أي لمن أصابته جلطة سابقة في قلبه أو دماغه أو ساقيه (شريانية وليست وريدية) وذلك لمنع حدوث الجلطة مرة أخرى.. أما الوقاية الأولية (للشخص السليم) فهو موضوع يجب أن توزن فيه المنافع والمضار في كل حالة على حدة حسب الشروط التي ذكرت آنفاً وبعد نقاش مستفيض بين المريض وطبيبه ومتابعة مستمرة لأنه ببساطة منافع الدواء ومضاره المحتملة متقاربة كثيراً في هؤلاء المرضى وهذا هو الموقف الأحدث لجمعية القلب الأميريكية وهيئة الغذاء والدواء الأميريكية في موقعهما الرسمي ومطبوعاتهما العلمية.

 

الدكتور خالد النمر

استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *