كشف الأخصائي النفسي أسامة الجامع، أن 70٪ من المصابين بالاكتئاب الذي يذهبون للمراكز الصحية الأولية، لا يعلمون أن لديهم اكتئابًا، و50% من السعوديين في حاجة لزيارة عيادة نفسية، بحسب دراسة قدمت في مؤتمر في المملكة.
ولفت إلى أن الاكتئاب “هو الاضطراب الذي يضرب اقتصاديات الدول، وهو منتشر في المملكة”؛ مستدركًا: “لكن اضطرابات (الهلع) و(القلق) أكثر انتشارًا منه في مجتمعنا! “؛ مشيرًا إلى أن إدمان مواقع التواصل أحد “السلوكيات الاكتئابية” التي تؤدي بالإنسان إلى فقدان البهجة في حياته اليومية.
وشدد “الجامع”، خلال حديثه لبرنامج “في الصورة” مع الإعلامي عبدالله المديفر، على أن “المجتمع يجب أن يعي أن العلاج النفسي شيء طبيعي وليس وصمة عار”، الناس يأتون إلى العيادات النفسية بعد سنوات من المعاناة مع الأمراض؛ إذ بحسب دراسة، يلجأ مَن يعانون من الوسواس القهري والاكتئاب للطبيب النفسي بعد 7 سنوات من المعاناة؛ داعيًا لنشر الوعي في المجتمع بأن العلاج النفسي أمر طبيعي وليس عيبًا؛ فالأمراض النفيسة مثلها مثل الأمراض العضوية، توثر على جودة حياة الإنسان.
وأوضح أن “الشخص (المثالي) قاسٍ جدًّا على نفسه، ومعاييره لا واقعية، والمرونة النفسية هي أن تتقبل نفسك دون شروط، وأن تحبها دون شروط، وأن تستمتع برحلة النضوج والنمو”.
وأضاف: “الأشخاص الأكثر صحة نفسية، لديهم قدرة أكبر على التأقلم مع الحياة، وتفسيرات متعددة لكل موقف، أما المضطرب نفسيًّا فينظر للحياة من ثقب إبرة، ولا يراها إلا بلون واحد فقط، ولا يملك إلا تفسيرًا واحدًا فقط لكل موقف يتعرض له”.
واعتبر الأخصائي النفسي “الجامع”، أن الأحلام التي يشاهدها الإنسان في منامه ليس لها قيمة؛ فعش حياتك ودعك من تأويل الرؤى والمنامات؛ مُحذّرًا من أن “البحث عن تفسير لكل حلم يدمر نفسية الشخص ويرفع من درجة القلق في حياته”؛ لافتًا إلى أن “دور الرقاة يجب أن يكون تكامليًّا مع دور الأخصائيين النفسيين، وليس لديّ مشكلة في ذهاب المريض لراقٍ شرعي؛ بل قد أنصحه بأن يرقي نفسه”.
ووصف ما يعتبره بعض المتعصبين رياضيًّا من أن كرة القدم تعني لهم كل حياتهم، بأنه خطأ استراتيجي في التعامل مع الحياة؛ ناصحًا إياهم بإعطاء كل شيء حجمه، فكرة القدم جزء من حياتكم وليس كلها، وقال: “لا يوجد شيء هو كل حياتك والتعلق الشديد بما حولك من ماديات أو أشخاص قد يضرك أكثر مما ينفعك”.
وأوضح الأخصائي النفسي الجامع، أن جلسة العلاج النفسي يجب أن تكون خالية من الأحكام على المريض حتى لو كان ملحدًا، ويجب عليّ أن أتقبل المراجع للعيادة النفيسة كما هو؛ لافتًا إلى أن مجموعات الدعم النفسي موجودة في المملكة؛ لكنها غير كافية، وما زالت مجرد جهود فردية خيرية؛ مؤكدًا أهميتها وفائدتها؛ مشيرًا إلى أن الأخصائي النفسي الإكلينيكي حتى الآن بلا برامج وطنية لتطويره.
وحذّر “الجامع” من “علوم الطاقة والريكي وLNB؛ واصفًا إياها بأنها (علوم زائفة) لكونها لا تخضع للأدلة والبراهين العلمية والمنهج التجريبي وقال: “لا أنصح أحدًا أبدًا أن يحاول العلاج نفسيًّا من خلالها؛ فهي قد تضر أكثر مما تنفع”؛ مشيرًا إلى أن ”الفوضى” موجودة في سوق الاستشارات النفسية، وبعض المشاهير يعطي استشارات نفسية دون علم أو تخصص.
واتفق “الجامع” مع القاضي السابق الدكتور محمد الجذلاني، وطالَبَ بأن يخضع أي شخص يقدم خدمة للمجتمع، أولًا لاختبار في الصحة النفسية؛ حتى لو كان قاضيًا.. وأضاف: “يفضل أن يكون القاضي مطّلعًا على الاضطرابات النفسية؛ ليكون مؤهلًا للحكم في بعض القضايا”.