إنَّ كبرى العقبات التي تعترض طريقك لزيادة الوعي الذاتي هي النزعة لتجنب الأمور المزعجة من أشخاص، أو أحداث، أو أفكار.
فالأمور التي تتهرب من التفكير فيها؛ لا تظهر على شاشة الرادار الخاصة بك؛ لسببٍ وجيه، وهو أنّها تؤلمك كلما عاودت الصعود لمسرح عقلك.
إنَّ تَجنّب هذا الألم يساهم في تفاقم المشكلات؛ لأنه ليس إلَّا حلاً مؤقتاً، ولن تستطيع إدارة ذاتك على نحو فعّال ما دمت تجهل ما تحتاج إلى تغييره.
وبدلاً من سعيك لتجنب فكرةٍ، أو إحساس ما، يمكنك أن تجعل هدفك المضي قدماً نحو هذا الإحساس، والولوج إليه والمرور من خلاله.
وينطبق هذا على كل ما تحس به، أو فكرة سيئة مزعجة تلازمك ليل نهار.
أما عندما تتجنب ما يزعجك من أفكار؛ فإنك تُفوّت على نفسك الفرصة في التعامل الأمثل معها، وتفقد الفرصة في الاستفادة مما يزعجك بطريقة بنّاءة ومثمرة.
وما يزيد الأمر تعقيداً هو أنّ تجنبك “لفكرةٍ، شعور ما” لا يخلصك منه، بل يساعد على ظهوره مجدداً في حين أنّك ظننتَ أنّ تلك الأفكار المزعجة هجرتْ عقلك ولن تعود.
ولكي نغدو أشخاصاً أكثر فعالية في الحياة، نحتاج إلى استكشاف مواضع سيطرتنا الواهمة، تلك المواضع التي لا نلقي لها بالاً، ونغضُّ الطرف عنها. فربما يعتقد شخص ما أنَّ الاعتذار طبع الجبناء، لذلك لا يسع إلى إدراك متى يقتضي الأمر الاعتذار. ويمقت شخصاً آخر الشعور بالإحباط؛ لذلك يسعى إلى التشويش على ذاته بأمورٍ لا طائل منها، ولا يشعر بالرضا عنها.
إنَّ كلا الفئتين في حاجة إلى السير بخطى واسعة نحو التركيز على الأفكار التي تدفعهم نحو التغيير، وإلَّا سوف يتابعون السير في طريقٍ مقفر منفر تحدث فيه نفس الأنماط الفكرية مراراً وتكراراً.
ولو حاولت في المرات القادمة التعامل مع ما يزعجك من أفكار بدلاً من تجاهلها، فسرعان ما ستدرك أنها ليست بهذا السوء الذي يدفعك نحو الهاوية، وستكتشف مدى ما تتمتع به من قدرة تمكنك من التعامل معها على نحو مفيد، وهذا ما يرتقي بك لتنال أفضل النتائج وأطيب الثمار. وأكثر ما سيدهشك عند رفع مستوى وعيك الذاتي هو أنّ التفكير بالأمور المزعجة سوف يساعدك على التغيير أكثر من بقاء وضعك على ما هو عليه من السوء، على الرغم من أنّ القدر الأكبر من تركيزك سوف ينصب مبدئياً على ما ترتكبه من أمورٍ خاطئة، فلا تخف من أخطائك الذهنية، فهي تُنبهك إلى ما يمكنك فعله بشكل مغاير عن السابق، كما أنها سيلٌ دائم التدفق من المعلومات التي تحتاجها لتتفهم ذاتك،بينما الحياة تكشفها لك تدريجياً.
سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي