مرحبًا بالأفكار المزعجة!

إنَّ كبرى العقبات التي تعترض طريقك لزيادة الوعي الذاتي هي النزعة لتجنب الأمور المزعجة من أشخاص، أو أحداث، أو أفكار.
فالأمور التي تتهرب من التفكير فيها؛ لا تظهر على شاشة الرادار الخاصة بك؛ لسببٍ وجيه، وهو أنّها تؤلمك كلما عاودت الصعود لمسرح عقلك.
إنَّ تَجنّب هذا الألم يساهم في تفاقم المشكلات؛ لأنه ليس إلَّا حلاً مؤقتاً، ولن تستطيع إدارة ذاتك على نحو فعّال ما دمت تجهل ما تحتاج إلى تغييره.
وبدلاً من سعيك لتجنب فكرةٍ، أو إحساس ما، يمكنك أن تجعل هدفك المضي قدماً نحو هذا الإحساس، والولوج إليه والمرور من خلاله.
وينطبق هذا على كل ما تحس به، أو فكرة سيئة مزعجة تلازمك ليل نهار.
أما عندما تتجنب ما يزعجك من أفكار؛ فإنك تُفوّت على نفسك الفرصة في التعامل الأمثل معها، وتفقد الفرصة في الاستفادة مما يزعجك بطريقة بنّاءة ومثمرة.
وما يزيد الأمر تعقيداً هو أنّ تجنبك “لفكرةٍ، شعور ما” لا يخلصك منه، بل يساعد على ظهوره مجدداً في حين أنّك ظننتَ أنّ تلك الأفكار المزعجة هجرتْ عقلك ولن تعود.
ولكي نغدو أشخاصاً أكثر فعالية في الحياة، نحتاج إلى استكشاف مواضع سيطرتنا الواهمة، تلك المواضع التي لا نلقي لها بالاً، ونغضُّ الطرف عنها. فربما يعتقد شخص ما أنَّ الاعتذار طبع الجبناء، لذلك لا يسع إلى إدراك متى يقتضي الأمر الاعتذار. ويمقت شخصاً آخر الشعور بالإحباط؛ لذلك يسعى إلى التشويش على ذاته بأمورٍ لا طائل منها، ولا يشعر بالرضا عنها.
إنَّ كلا الفئتين في حاجة إلى السير بخطى واسعة نحو التركيز على الأفكار التي تدفعهم نحو التغيير، وإلَّا سوف يتابعون السير في طريقٍ مقفر منفر تحدث فيه نفس الأنماط الفكرية مراراً وتكراراً.
ولو حاولت في المرات القادمة التعامل مع ما يزعجك من أفكار بدلاً من تجاهلها، فسرعان ما ستدرك أنها ليست بهذا السوء الذي يدفعك نحو الهاوية، وستكتشف مدى ما تتمتع به من قدرة تمكنك من التعامل معها على نحو مفيد، وهذا ما يرتقي بك لتنال أفضل النتائج وأطيب الثمار. وأكثر ما سيدهشك عند رفع مستوى وعيك الذاتي هو أنّ التفكير بالأمور المزعجة سوف يساعدك على التغيير أكثر من بقاء وضعك على ما هو عليه من السوء، على الرغم من أنّ القدر الأكبر من تركيزك سوف ينصب مبدئياً على ما ترتكبه من أمورٍ خاطئة، فلا تخف من أخطائك الذهنية، فهي تُنبهك إلى ما يمكنك فعله بشكل مغاير عن السابق، كما أنها سيلٌ دائم التدفق من المعلومات التي تحتاجها لتتفهم ذاتك،بينما الحياة تكشفها لك تدريجياً.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

4 تعليق على “مرحبًا بالأفكار المزعجة!

أ.نويفعة الصحفي

تنتاب الكثير منا أفكارا مزعجة ومؤلمة في بعض الوقت ، نتيجة التعرض لموقف سيئ أو سماع شيء غير محبب، وربما تطاردنا هذه الأفكار مدة طويلة من الوقت، قد تمتد لأسابيع أو أشهر، ومع أن حدوث ذلك يعد أمرا طبيعيا وواردا، إلا أنه يجب أن نسعى للتخلص منها بدلا من الهروب منها ..واعتقد ان اهم ما ينبغي ان نبدا به هو أن تتذكر دائما أن الأفكار السيئة أمر وارد الحدوث، ولكنه عرضي لن يدوم طويلا ما لم توفر له نحن البيئة الخصبة…
فاالبعض منا حقيقة يعتقد أنه الوحيد في هذا العالم الذي يواجه مشكلات لا حصر لها، أو يواجهه عقبات لا يمكن تجاوزها، وأنه لا أحد يفهم أو يدرك معاناته، لذا تسيطر عليه دائما تلك الأفكار المزعجة وينتابه القلق والاكتئاب معظم الوقت، وهو أمر خاطئ وغير صحيح بالقطع، فالأفكار السلبية جزء من حياتنا إلا أنها ستتلاشى يوما ما.
ولهذا علينا ان نتوصل إلى أصل المشكلة ومن ثم التفكير ما الذي أثارها ولماذا تراودنا وتجد لها مستقرا في اذهاننا ؟ سنتجد أن الأسباب لا تخلو من شعور بالذنب حيال أمر ما، أو غضب من موقف ما، أو خوف من فشل وما إلى ذلك، لذا سيساعدك التوصل إلى أصل المشكلة على حلها من الأساس ووضع الأمور في نصابها…وفي نفس الوقت و هنا قد ترد سيلا من الأفكار السلبية والمزعجة تتدفق ، وهنا يجب مقاومة تلك الأفكار وإيقافها فورا، عن طريق هدوء الانسان والتفكير بعقلانية بدلا من الاستسلام للأفكار المزعجة، والاستنتاجات الخاطئة …
روشتة حوت الكثير من التوجيهات المقنعه والتي يحتاجها الجميع ..وليست بحاجة للزيادة ونعتذر منكم استاذ سليمان إن اطلنا في التعليق فلكم الشكر الجزيل زاوية جمعت المجد من اطرافه قلما فذ وفكر مفعم بالعلم والثقافة واعلام متميز ..
وفقك الله .

أحمد بن مهنا الصحفي

أخي كاتب المقال الأستاذ الكبير سليمان ، إليك تساؤلات بعثها في النفس مقالك النوعي هذا:
-هل يؤثر النقص المعرفي (النسبي) والضعف اللغوي التعبيري على التفكير؟ فيكون من أسباب الابتعاد عنه؟
– هل التفكير عملية صعبة يبعد بعض الناس أو أكثرهم عنها ، طلبا للراحة ، كما هي تلك المقولة ( ريّح دماغك)؟
– هل وجود من يخدم الناس في التفكير عنهم، وسهولة الاستفادة منهم ونوال منتجاتهم الفكرية ، سبّب الدعة للفكر ، فاستلذ الراحة والترفه ، فأحب النكتة ، والانصات للخزعبلة والحجاية ، ونعس مع الأنشودة ، وتوقف عند الاستماع دون التحدث فضلا أن يرتقي إلى المهارتين الأخريين ؟
وماذا تقول في أن من الناس من لايفكر ولا يعلم أنه لايفكر؟
ومنهم من لايفكر ويعتقد أنه يفكر ؟ ومنهم من يفكر لكنه لايحسن أن يفكر ؟ وكيف تصنفهم ترتيبا؟ وهل يحتاج من أراد الاسهام في مساعدتهم لهذا التصنيف والترتيب ؟
مع تقديري لكم.

سليمان مسلم البلادي

ا.نويفعة الصحفي.
وافر الشكر وعظيم الامتنان لمروركِ الثري.

سليمان مسلم البلادي

التربوي القدير استاذأحمد بن مهنا الصحفي.
تساؤلات ثرية تحوي دلالات عميقة.
– الجانب المعرفي يساهم في تجويد طريقة التفكير،ونقصه يؤدي إلى انحرافه عن الجادة.
– التفكير عملية مستمرة مع المرء،حتى إذا أراد ألّا يفكر فهو فكَر ألّا يفكر. فهو في حالة تفكير مستمر.
الأهم نوعية وطريقة تفكيره مع توفر الفطرة السليمة.
– تعتري العقل حالة تُسمى ” كسل العقل” وهي أنّ صاحبه لا يُعمل عقله فيما يفيد؛ظناً منه الوصول للراحة ، أو أنّ غيره يخطط له ويفكر عنه؛فهو بذلك أمسى لدنة طيعة لهوى نفسه وهوى غيره.
– الإنسان في حالة تفكير مستمر.
عَلِمَ بذلك أو جهل به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *