في بعض الأحيان عندما لا يجد الإنسان إلا فضفضة ما يعتريه من هم وضيق جراء بعض الممارسات التي تقع من البعض ممن لا يبالون بمشاعر الإنسان ولا تهمهم أصلاً حاجات الأشخاص التي تجعل الإنسان في أمس الحاجة إلى قليل من الإهتمام عملاً بالمثل القائل ( أنا ومن بعدي الطوفان ) وكذلك ( “إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!” ).
هنا لا يجد الشخص الذي وقعت عليه مظلمة إلا البحث عن شخص يثق فيه ويسمع له ويهتم بشكواه، ولا يجد بداً من الفضفضة كي لا تصيبه جائحة تلزمه فراش المرض وهذا الأمر قد يحدث جراء الضغوطات الواقعة عليه والفضفضة دائماً ما تظهر من الأشخاص الذين وقعت عليهم.
وتكون الفضفضة من كل الهموم، كذلك ربما تأتي جراء ظلم وقع من شخص مسؤول يظن أنه على حق وفي الحقيقة قد جانبه الحق والصواب والمستمع والمنصت لشكوى وفضفضة الشخص المقابل هو خلق نبيل لا يقدر عليه إلا من أوتي سعة الصدر والصبر.
وليس معنى الشكوى والفضفضة أن يقع ذلك هو متسخط ويشتكي ربه للمخلوقين، فقد اعطا الله العذر لمن وقعت عليه مظلمة أن يبوح بما يختلج داخل صدره من هموم وأحزان وهو ربما يبحث عن حل من الذين يظن بهم خيراً كونهم يتسمون برجاحة العقل وسعة الصدر والذين أوتوا الحكمة.
فقد قال الله سبحانه وتعالى في شأن هذا الإنسان الذي ربما وقع عليه ظلم ( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًاق عَلِيمًا ) سورة النساء.
وحقيقة كثير من الفضفضة تعتبر علاج يجلس المريض أمام الطبيب ويبثه شكواه من ألم ما ويرتاح لحديث الطبيب كذلك الذي امتلأ صدره بهموم الحياة وتقلباتها فعندما تجثو الهموم على صدر المرء وتضغط عليه بكلكلها بقوة ساحقة تتصاعد الآهات والأنات مخبرة أن الشخص قد وصل إلى مرحلة الانفجار كما هو حال المرجل الذي يغلي على نار ملتهبة فسرعان ما يهتز المرجل جراء الضغط فلا بدّ من تخفيف اللهيب كي لا يحدث انفجار.
كذلك هي النفس الإنسانية وصدق الشاعر حين قال ( لا بدّ للمكبوت من فيضان ) ومن هذا المنطلق تأتي زيارات وتواصل الناس مع بعضهم وبث كل صديق مقرب وأمين ما يختلج في صدر اخيه وتحمله عبء الاستماع والإنصات لشكوى صديقه والبحث سوياً عن حل لمعضلة ومشكلة الأخ والصديق والرفيق إذ ما قيمة الصحبة إن لم تظهر نتائجها في وقت الشدة والأزمات فهي بمثابة النار التي توقد لكي يصفى الخبيث من الطيب وتظهر المعادن الأصيلة وتفصل عن الغثاء .
وقد يقتل الهم المرء أن تجاوز الحدود فلم يستطع القلب أن يتحمل ذلك الضغط الهائل من الأحزان ولم يجد من يبث له شكواه وأحزانه وأكثر الناس يقعون فريسة المرض بحجة كتم المشكله وعدم اظهارها للناس فما فائدة تكاتف الإخوة والأصدقاء أين قيمة المؤازرة والمناصحة والمناصرة؟ إن لم تكن في هكذا مواقف واخيرًا على المرء أن لا يهلك ذاته خوفًا من إطلاع الناس على شكواه فالالتزم في هذا الأمر شيء مزموم ويأتي بما لا تحمد عاقبته.
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب