إن الانسان هو مخلوق ذو كيان وإحساس ومشاعر وإرادة وطموحات وقدرات مما يجعله عضواً فعالاً في المجتمع ..
قال تعالى (ولقد كرمنا بني آدم ) فإذا كان الرب سبحانه الخالق كرم ابن آدم وأوجب عدم احتقاره أوإهانته أو تهميشه فلماذا يلجأ بعض الناس لذلك .
يختلف الناس بعضهم عن بعض في الحال؛ فمنهم الغني فاحش الغناء ومنهم العالم الذي يشار إليه بالبنان ومنهم الحكيم الذي تشد له الرحال ومنهم ذو الجاه يقصد ويزار وغيرهم .. فيا ترى ممن هؤلاء يجل ويقدم ويلتف الناس حوله ويحسب له ألف حساب ويسأل عنه إذا غاب وينكح إذا خطب ويقدم إذا حضر .. فمن الناس من يقدم ويجل ذا المال ومنهم من يقدم ويجل العالم ومنهم يقدم ويجل ذا الجاه ولكن السواد الأعظم من يقدمون ويجلون صاحب المال على غيره فالبقية لايحتاجونهم كحاجتهم للمال ولذا تراهم يتقربون من ذي المال لأني يلبي حاجاتهم في الحال ، وهذا لعمرك إنه لخطأ كبير ونظرة مقيتة لأن المال لا يدوم وصاحب المال كذلك ..
وقد ينتبه صاحب المال لنفسه فيحجم عن تقديم المال إلا لمن له صلة وثيقة به ، وينظر الناس لمن لا يملك مالاً نظرة احتقار وازدراء وكأنه لم يكن من آدم وصدق الشاعر حيث قال :-
فصاحة حسان وخط ابن بمقلة .. وحكمة لقمان وزهد ابن أدهم
إذا اجتمعوا في المرئ والمرؤ مفلسٌ .. ونادوا عليه لايباع بدرهم
فكلهم أصحاب أمور عظيمة ( فصاحة حسان بن ثابت شاعر الرسول ﷺ ، وخط بن مقلة أعظم خطاطي العرب ، وحكمة النبي لقمان عليه السلام ، وزهد إبراهيم بن أدهم ) ، فكل هذه الصفات لم تشفع لهم عند الناس لقلة ماعندهم وأمورهم لا تقدر بأثمان ، بينما يأتي من أقل منهم بكثير ولكن لديه مال فتجد ضعفاء النفوس والجهلاء وعبدة الدرهم يجلونه ويسعون جاهدين لخدمته وإرضائه ..
نعم المال عصب الحياة وشيء مهم لتسيير حياة الناس ، ولكن ليس كل شيء فكم من مالك مال صار بين يوم وليلة معدم أو أصبح ماله عليه وبال في الدنيا والآخرة .
فياليت من يجري وراء المال وملاكه يعتبرون بمن كان قبلهم من الأمم وماحل بهم بسبب جمع المال والتفاخر به ..
إذاً ليس المال هو المقياس الحقيقي للإنسان فما هو المقياس ؟
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد ….
نستنتج من ذلك كله أن الإنسان يكون إنساناً بما يقدمه لنفسه وأهله ومجتمعه وأمته ما يصلح به حالهم ويسعدهم ويرفع عنهم الحرج والمؤنة ويسير بهم على طريق العزة والرفعة والسمو .. فـ ( أحسن الناس أنفعهم للناس) .
عبدربه المغربي
مقالات سابقة للكاتب