انتشر مقطع فيديو لدكتور جراح مخ وأعصاب في ولاية كاليفورنيا الأمريكية ، أسمر البشرة يعالج مرضاه بعد العملية الجراحية بالترفيه ، وهو عبارة عن رقص مع المرضى وحتى الاطفال الرضع ويقال ان طريقته قد نجحت في تخفيف أو نجاح العملية ..
هذا أسلوبه وليست هنا القضية ولكن الامر الذي لفت نظري في كمية الردود من دولنا العربية الذين استحسنوا طريقته في الترفيه وكذلك اتفقوا جميعهم على ان هذا الدكتور او هذا العمل لو أتى به أحد الأطباء في دولنا لتحول فورا الى التحقيق وربما يفصل من عمله بسبب انه قد أهان مهنة الطب ، وكذلك لاحظت من خلال الردود على ذلك المشهد أن الجميع أيضاً اتفقوا على أن الأطباء هنا نادرا ما يعالج مريضه بالطرق التي تدخل السرور على قلوب مرضاه او حتى بالإبتسامة في وجوههم ولقد اقنعتني بعض الردود لما اراه حقاً من تلك التصرفات وليس فقط من قبل الاطباء بل لتكاد تعم معظم الدوائر التي يراجع الانسان فيها معاملاته وقلما تجد من يقدم لك الخدمة وهو مبتسم بشوش لذا نجد أن أي انسان لديه معاملة في أي قطاع تصيبه الرهبة من يوم غد وكانه ذاهب إلى معركة ستحمى وطيسها قبل أن تنجز معاملته وانا هنا لا أعمم أبداً بل هناك من يستقبلك برحابة صدر ولكن هم من القلة التي تجعلك لا تضعهم ضمن الحسابات ..
نحن لا نريد ممن عنينا بمقالنا هذا أن يرقصوا لنا أبداً ، فقط نريد الابتسامة والبشاشة ترتسم على وجوههم عند التعامل معنا نحن العامة وحقيقة هذا الامر يؤلم جدا عندما تسمع قول الرسول ﷺ ((تبسُّمك في وجه أخيك)) ومن المعلوم ان الاسلام جاء بكل ما يسعد الانسانية لذلك تجد ان كثيرا من الاخلاق الجميلة اذا رايتها من شخص غير مسلم ورجعت الى كتب السيرة والصحاح تجد ان ذلك الخلق قد حث عليه ديننا فيتعجب الناس من هذا الامر ، كيف لغير المسلم ان يأتي بخلق حث عليه الاسلام وما ذلك إلا لجهل الكثيرين ان الاسلام انما جاء ليعزز ويقوي تلك الاخلاق التي تحسب من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وربما اندثرت مع تعاقب الازمنة فجاء الاسلام لينفض عنها غبار السنين فإذا بها براقة متلألئة يحبها الناس والحقيقة التي تؤلم ان بُعد الناس عن سنن الاسلام جعلهم ينبهرون بتعامل الغرب مع بعضهم وغيرهم المعاملة الحسنة التي فقدها المسلمون لأسباب شتى ..
لا أدري لماذا اذا دخلت على طبيب او اي شخص جعل الله حاجتك اليه وهو مسبب الأسباب ، قلما تجده بشوشاً وقد يكون علاجك نفسياً أكثر منه عضوي لا ضير في الابتسامة والبشاشة بل هناك يكمن النفع وكما قال الشاعر :-
أتراك تغنم بالتبرم درهما أم
أنت تخسر بالبشاشة مغنما
ياصاح لا خطرٌ على شفتيك أن تتثلما والوجهِ أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك
والدجى متلاطم ولذا نحب الانجما..
وقد يكون سبب التجهم وعدم التبسم والبشاشة فكرة مغلوطة انك ان تبسمت أو كنت ذا بشاشة قد يحتقرك الناس فلا بد أن تكون صارما صلب الوجه لكي يرهبك الناس ويحترموك وهذا خطأ ..
أقول لمن يحمل مثل هذه الافكار انك لا تتعامل مع أطفال فالرجال يقدرون من يحترمهم ويحبون السهل فإن الحياة ليست ساحة حرب يريد كل واحد منا ان ينتصر ويظهر جلده وقوته لأخيه … فكن بشوشا مبتسماً على الاقل لكي تدخل في دائرة المتصدقين فإن فعلنا ذلك سنجد مجتمعنا من اروع المجتمعات ونستطيع ان نتعايش مع الناس جميعا على شتى اختلافاتهم الشكلية والعقدية وهذه هي الغاية التي خلقنا الله لها سبحانه وتعالى اذ يقول ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ..
ولن يحصل التعارف بالتبرم والاستعلاء وصلابة الوجه والخلق الذميم والتكبر على عباد الله انما يحصل التعارف بالبشاشة والابتسامة الصادقة النابعة من القلب فلنحاول ذلك وأنا على يقين أننا سنعيش سعداء منعمون .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب