اليوم الوطني حدث تاريخي ويوم مفصلي في تاريخ المملكة العربية السعودية ، حيث ارتبط هذا اليوم بتوحيد الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل يرحمه الله للمملكة العربية السعودية تحت راية التوحيد قبل ٨٩ سنة ، فانطلقت بلادي تسابق الزمن نحو آفاق التنمية الحديثة والنهضة المستدامة في شتى المجالات ، ما جعل هذا اليوم ذكرى جميلة تطل بنا على عبق الماضي وتاريخ الحاضر ؛ لتعيد لنا شريط الذكريات لبطولات الآباء وإنجازات الأجداد التي كان نتاجها ترسية أركان هذا الوطن على الأمن والأمان والعدل والاستقرار ، ورغد العيش والحياة السعيدة .
فظهرت الخيرات والبركات في بلادنا منذ تولي الإمام عبدالعزيز رحمه الله مقاليد الحكم في البلاد واستمرت مع أبنائه العظماء حتى وصلنا إلى عهد ملك الحزم والعزم الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ونحن في بسطة وسعة في الرزق .
ولأهمية وقيمة هذا اليوم أصبح ذكرى سنوية عزيزة علينا كشعب سعودي نحتفي ونحتفل به سنوياً ، ودورنا فيه أن نبعث رسائل إيجابية تعزز الولاء والانتماء وتغرس السلوكيات والمفاهيم التي تحقق مفهوم المواطنة الحقيقية التي تخدم الوطن والمواطن .
ولكن عقد الجمال لايكتمل دائماً ، لنجد من سار في الاتجاه الخاطئ وكأنه يدون في خارطة التاريخ أن الاحتفال باليوم الوطني هو رقص وطرب وغناء وممارسات سلوكية مستهجنة وتصرفات خارج المألوف ، وهذا أمر مرفوض لا تُقره سياسة الدولة ولا يتوافق مع تقاليد المجتمع .
ومما يحز في النفس ارتباط اليوم الوطني في نفوس أبنائنا بأنه إجازة وشيلات وأغاني وطنية فقط ، لم نرَ من يُركز على دمج هذه الاحتفالات بمعلومات عن تاريخ دولتنا أو سيرة قادتنا ، ولم نرَ من يربط هذه الاحتفالات بما قبل التوحيد حينما كان الأمن مختطف والأمان مفقود ، مع الحرص على إبراز الصورة المبهحة لما بعد التوحيد من أمن وأمان واستقرار ، ولم نرَ من يُركز على دور المملكة العربية السعودية داخلياً وخارجياً ، لذلك مثل هذه الاحتفالات عندما تفتقد مثل هذه الجوانب لن تحقق الهدف السامي من الاحتفاء والاحتفال باليوم الوطني لأننا نكون قد ركزنا على القشور وتركنا المضمون .
اليوم الوطني هو إحساس وشعور بذلك التاريخ الطويل الذي بُذلت فيه الأنفس الزكية من أجل توحيد المملكة العربية السعودية ، وهو ترسيخ لمفاهيم سامية وسلوكيات إيجابية ، وغرس أُسس قوية ومبادىء قويمة في نفوس النشىء ، وتوثيق هذا الحاضر المُزهر بإيقاع ذلك الماضي العريق ، واستلهام العطاءات والنجاحات التي تقدمها قيادتنا الحكيمة منذ بدأ هذا الكيان إلى يومنا الحالي .
علينا أن نؤمن بأن اليوم الوطني تغذية الانتماء عند الجيل الحالي بمعلومات عن التاريخ المشرف لبلادنا ، وهو أيضاً إبراز عطاءات الوطن ونشرها على جميع المنابر الإعلامية والدينية والتعليمية من خلال عبارات وومضات يستنير بها الجيل الحالي .
وعلينا أن نُدرك بأن اليوم الوطني ليس خروجاً بالمركبات الملونة ولا برفع أصوات المعزوفات الطربية ، اليوم الوطني انتماء وسلوك وخدمة وطن .
هذا هو مفهوم اليوم الوطني عندي .
محمد الرايقي
مقالات سابقة للكاتب