مجالس العقلاء

كم تساءلت بل وألححت كثيرا في السؤال، لماذا عندما نختلف في الآراء ووجهات النظر تنشأ بيننا عداوة وقطيعة لمجرد رأي، ولماذا لا نرتقي في حواراتنا ونجعل صدورنا تتسع للنقاش بدون أن نجعلها عداوة قد تصل لسنوات وربما العمر كله؟!

نحن نزعم أننا متعلمون ومثقفون وحين نجالس بعضنا البعض كل واحد منا يحاول أن يظهر تفوقه في الحوار والجدال ونجهّل الطرف الآخر ونريد بكل صلف وظلم ونحن ندرك أننا نرتكب الظلم ومع ذلك نحاول أن نكون أصحاب الحق ونلقي جانبا تأنيب الضمير ووخزاته ونمضي قدما في مغالطاتنا لأنفسنا وللآخرين ثم ندعي أننا قد وصلنا إلى القمة في الرقي الفكري والتقدم الانساني فالنعترف بأننا ضعفاء أمام أنفسنا وليست لدينا الشجاعة الكافية لأن نعترف ونعلنها بكل شجاعة واقتدار إذا اخطأنا ونقولها مدوية صريحة بأننا اخطأنا في هذه المسألة أو تلك هذه سبيل الشجعان الذين تغلبوا على أنفسهم و ينقادوا إلى العدل ولم ينقادوا لها حتى هوت بهم في مهاوي الظلم والصلف ، ولكن للأسف وأقولها والمرارة تعتصرني أننا لم نبلغ من الرقي ما نزعم وما نعطيه لأنفسنا وأعلم يقيناً أن مقالي هذا سيغضب البعض وأقول البعض الذين يتحسسون رؤوسهم ويظنون أن ما أقول يصيبهم وأنني أعنيهم فليهونوا على أنفسهم وأقول لهم رويدكم لا أشرفوا وتغربوا بظنونكم ارعووا …

اقول إذا كانت هذه هي أمورنا فنحن مازلنا في طور الحبو وإذا كنا نغضب من مجرد حوار قد يخطئ أحدنا ويصيب الاخر فنحن مازلنا في طور التعلم وليس عيباً أن نتعلم فن الحوار فالحوار ثقافة ، لماذا لا نقوم من مجالسنا الحوارية ونحن نحمل لأخواننا الود الذي جئنا به حين جلسنا في مجالسنا ؟ لماذا لا نتفوق على هوى النفس ونكبت جماح صلفها وتكبرها وغرورها ونقول لها يا نفس ارعوى فإنك والله على خطأ وأن الفجور في الخصومة من صفات المنافقين والعياذ بالله واربأ بنفسي وبكم أن نكون كذلك ولكن بمجرد أن يعلم الانسان أن هذه الصفة المقيتة قد يتصف بها أي شخص هنا لا بد أن نكبح جماح النفس النافرة إلى الباطل حتى ولو آلمنا ذلك فألم ساعة خير من ألم دهر وندم يطول بطول الزمان..

نحن عندما اخترنا أصدقائنا لم نخترهم بين عشية وضحاها بل جلسنا الليالي الطوال نمحص ونختبر حتى وقعنا على أصدقاء جيدين فهل من المنطق السليم والعقل الراجح أن نفقد من اخترناهم بتمعن وتمحيص ليس بالهين، أن نفقدهم في جلسة نقاش واحدة وربما يكون نقاشا تافها أو على أمر ليس بالمهم فنفقد أصدقاء جيدين جاد لنا الزمان بهم وقلما يجود الزمان بأصدقاء هذه صفاتهم ، هذا لا يعقل فلننتبه إذاً لتعاملاتنا مع بعضنا ولنحاول أن نتجاوز قدر الامكان عن هفوات بعضنا وزلاتهم فإن الانسان ليس بكامل أبدا وقد صدق الشاعر بشار بن برد حين قال :-
اذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعش واحدا أو صل أخاك، فأنه
مقارف ذنبٍ مرة ومجانبه
أذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه .

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

6 تعليق على “مجالس العقلاء

عبد العزيز تراوري

مقال يثقف النفس
اللَّهُمَّ لا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلاأقل من ذلك

ابوخالد

ابدعت وتألقت في سماء الكلمه الطيبه ابواحمد لك منى خالص الود والتقدير

عبدالعزيز بن مبروك الصحفي

أستاذ إبراهيم
رائع ما كتبت، فن الحوار يحتاج إلى أن يدرك كلا الطرفين أو الأطراف أن لكل شخص منظوره الخاص لرؤية الأشياء فيقدر كل طرف ذلك ويلتمس العذر للطرف الآخر. وللوصول إلى طريقة إيجابية لإنهاء الحوار فعلى الشخص الذي يبدأ بالشعور بحرارة في صدره أن يتوقف حالًا حتى لو كان محقًا أو يعرف أكثر من الطرف الآخر.

زكية الهوساوي

دقات قلب المرأء قائلة له
إنّ الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكر للإنسان دقائق وثواني
وما هذه الحياة إلا رحلة ونحن فيها عابرون لماذا لا نتخذ
سمة العبور نهج سليم ومريح في حياتنا
نعبر الهموم والأحزان ونمضي نعبر الهفوات
الزلات ونمضي فلا شيئ يستحق أن نقف عنده
نحزن عليه أو نختلف من أجله
طالما كل من عليها فان
فما أجمل أن نعيش في ود وسلام

ديلاور

مقاله تحوى عدة رسائل واضحه وصريحه من كاتب متمكن بارك الله فيه اخونا وأستاذنا ابوليلى قد تكون مداخلتي طويله وممله فمنك العذر
في بعض الأحيان نبدأ الحوار ووجهات النظر حول فكره معينه تطرح للنقاش فمن حق اي شخص ان يبدي وجهة نظره حولها وان لا يعتبر رأيه مقدس ومنزه وان لا يفرض ما يقول على الاخرين قد يكون هذا الشخص مثالي واستثنائي والبعض يخالف الاخرين ويتحول المجلس الى صراخ وكل واحد يحاول ان يفرض رأيه حبا في الظهور والتميز عن الاخرين واغلب مشاكلنا في المجالس عندما يكون الحديث عن الكوره او في السياسه التى نجهل أغوارها فمن المنطق عندما نجد ان الحوار بدأ يأخذ مسارا لا نرغب السير فيه علينا ان نغير الموضوع بموضوع اخر دون ان ننتقص من الاخرين وان نتجنب نهايه النقاش بكلمه حوار عقيم او تفكير متخلف ((واللي بيريح دماغه من وجع الرأس في المناسبات يكون اخر الحظور وأول المغادرين هذه من تجربه شخصيه )

تميم

سلام كيفك أستاذ ابراهيم وان شاء الله بخير انت وجميع طاقم الصحيفه والقراء الأعزاء المعذرة عن الغياب وما ابي اطول بدخل ع الموضوع على طول مجالس العقلاء دلني عليها شغله غريبه تلاقي البعض ماشاء الله متعلم ومتنور بس احد يتعارض مع فكره او رأيه تلاقيه إنسان ثاني زعيق وصراخ وينطنط كان فيه مس مين انت اللي تتعارض مع رأيه ما علينا هذا اخذ مقلب في نفسه والبعض يعارض من اجل لا شي بس شوفوني انا هنا والبعض الا يفرض رأيه ولو غلط المهم عنز ولو طارت اتذكر زمان كان الواحد لمن يتكلم الكل يسمعه للنهايه فيه اخذ وعطاء في الكلام فيه احترام متبادل حتى لو عارضوه ما تسمع كلمات انت ما تفهم انت مخك قفل وحل عن سمايه الان تسمع الأصوات من بعد كيلو وقال النسوان مجالسهم صراخ ويتكلموا مع بعض أما لو شافونا وحنا بتكلم في المجالس بيقولوا علينا ام سن بتضحك على ام سنين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *