لبنان.. إلى أين؟

بما يزيد عن أسبوعين تقريبًا والشارع اللبناني منتفض على نظامه السياسي، الذي جاء نتيجة توافق كل الأطراف لوقف الحرب الأهلية التي بدأت عام 1975 واستمرت خمسة عشر عاماً وعدد ضحاياها فاق 100 ألف قتيل، ومن العجيب والمفيد أن أغلب من يتظاهر الآن بساحة عبد الحميد كرامي بطرابلس وساحة رياض الصلح بيروت لم يعاصر المآسي و لم يذوق مرارتها، فلبنان قبل الحرب الشرسة كان بلد جميل بتنوع أطيافه وانفتاحه على الاخرين، الشعب كلهم سواسية نظامهم السياسي على الكل فلا تجد ثلث معطل لبرامج التنمية والتعينات بالوظائف القيادية به على أساس أنه لبناني فقط وليس على أساس أنه سني أو ماروني أو شيعي ! فهذه البدعة اللي اخرجت لنا وجه لبنان القبيح هي إحدى بركات تسلط الزعامات العرقية والطائفية بعد الحرب الأهلية وبانها المدافع عن حقوقهم والتحدث بلسانهم .

واستمر لبنان بهذا الوجه عدة عقود ، فإذا الاغلبية المسيطرة على مجلس النواب هواها شرقي خسرت الغرب واذا هواها غربي خسرت الشرق، بلد تتلاطمه الأمواج وتتقاذفه الرياح لم يعرف له صديق من عدو ، وصار ارض خصبة لتنفيذ اجندات اَي دولة لها مطامع ومآرب، وكل عام يتأكد المفهوم حتى أصبح ثقافة عند الكل وأصبح حقيقة فمن ليس له زعيم ينضرب على قفاة، وزعماء الطوائف والمستفيدين من الوضع يزدادون تخمة وباقي الشعب يبلط البحر ولايلتفت إليه إلا عند الانتخابات للاستفادة من صوته، لذلك ليس غريب أن نجد كثير من هم بالمشهد السياسي اللبناني الان يتحسسون رؤوسهم ويخافون ان يرمي المد  بهم إلى مزبلة التاريخ ، فلبنان من المستحيل أن يطيق شعبه نظام المحصصات بعدما ضاق ذرعا منها وهم رواد علم وثقافة وتسامح يضرب به المثل قبل ان تصبح دولتهم عبارة عن نظام عزبة فلان وعزبة فلتان ، وما نراه اليوم بشوارع لبنان ان كان لايوحي لساستها بشي قادم فهم صم وعميان ، فلبنان مقبل على ثلاثة سيناريوهات !

أولها: وهذا هو مطلب أغلب من خرجت بالشوارع هو أن يعود لبنان مثلما كان قبل الحرب الأهلية دولة لها كرامتها وسياداتها ولاسيادة لحزب أو طائفة فوق سيادة الدولة وشعبها . 

ثانيا : ان تهب عليهم رياح ونسمات الحرب الأهلية اذا تعنتت بعض الأطراف وترى ان سيادتها فوق إرادة الشعب.

ثالثًا : والاحتمال ضعيف لكنه وارد أن يتفرق الجمع من حيث أتى ويروض الكل ويعود البلد الى وضعه الآن يعيش بالأزمات لو بتعيين وزير أو تنظيف شارع من الزبالة ! .

عايد عيد المحمدي

 

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *