أكتب هنا إلى أبناء القبائل في مملكتنا الحبيبة وخصوصًا من دخل التمدن ونسي ماكان عليه الآباء والأجداد ، نخط هذه المعلومة لنسير على منهج آبائنا وأجدادنا ونلتزم بمفهومها وأهميتها وابتداء نفسر معناها وسبب ورودها .
هذه العبارة أقوى عقد وميثاق بين أبناء الحمايل في قبائل المملكة خصوصا والعرب عموما حيث تقال هذه العبارة بعد انعقاد صلح بين شخصين أو بين جماعتين من الناس أو بين قبيلتين متنازعتين .
وسبب ورودها عادة عندما يكون هناك نزاع بين أشخاص أو أطراف و هذا النزاع لا ينقطع وكلما تم الاتفاق بينهم على شيء يحصل الخلل من أحد الأطراف ويستمر النزاع وقد يكون بشكل أكبر وهكذا دواليك تستمر النزاعات وتنشب الفتن وقد تصل إلى الحروب بين الناس ولهذا جاءت هذه العبارة لينفك الناس عن بعضهم ويسود الأمن والحب والوئام بين الأفراد والجماعات .
وتكون النتائج بعد عقد هذه الكلمة الصارمة في مجلس الصلح أن يقف كل طرف من الأطراف عن ارتكاب أي محذور ذُكر في مجلس الصلح ومجلس العقد فإذا تم النطق بها أمام الرجال فإنه لا يمكن البوق بها لأن البائق بوجهه ( وهو الذي نقض الميثاق ) لا يُجالس ولا يُماشى وتنزع الثقة منه وهو في نظر المجتمع إنسان صغير ليس له كلمة يفي بها .
وهذه الكلمة ليست من اختراعات القبائل بل هي مستوحاة ومشتقة من قوله تعالى : { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }
فقام المفكرون من مشائخ القبائل بالاستفادة من هذه الآية واشتقوا منها لفظ ( تراكم في وجهي ….. ويذكر الأمر الذي يريد الوفاء به ) ..
بل والأعظم من ذلك أن من يقوم بالكفلان بالوجه يلتزم عن جماعته ويرد كل من يعتدي من الأفراد التابعين له فضلاً عن نفسه التي بين جنبيه فهي أولى بأن تجمح .
وإن هذه الكلمة ذات الأحرف القليلة والمنافع الكثيرة أسقطت مشاكل كبيرة في كثير من الدوائر الحكومية حيث يتم الصلح بين المتخاصمين ويتم إغلاق القضايا في جهاتها المنظورة فيها وبذلك يكون التخفيف على الإدارات الحكومية .
بقي تساؤل لا بد أن نجيب عليه قبل إنهاء المقالة .
لماذا يبوق بوجهه أحد أطراف الصلح ؟
بداية نقول إنه من الصعوبة بمحل أن يبوق بوجهه من بسطه للرجال في مجالس الصلح ويعتبر هذا الأمر من الأمور التي قد لا تحصل لأنهم يقولون من باق بوجهه لا عاد تأمنه .
ثانيًا : قد يكون هذا البائق بوجهه ذو شخصية ضعيفة لا يستطيع السيطرة على نفسه أو على جماعته أو قد يكون ممن يستمع إلى المحرضين والوشاة فيغيرون مارسمه مع الرجال في مجلس الصلح ولو كان ذلك على حساب وجهه الذي بسطه للرجال .
أحبتي الوفاء بالوعد وحفظ الكرامة بعد أن تبسط وجهك للرجال مطلب لابد من الوفاء به فإياك أن تتحمل هذه الكلمة ولا تفي بها فإن كنت ممن لا يسيطر على نفسه وتكون ضعيف الشخصية تقاد من غيرك فاعتذر عنها قبل أن يلحقك الملام من الناس .
فيصل محمد العتيبي
قائد مدرسة أسيد بن حضير المتوسطة
مركز مدركة التابع لمحافظة الجموم
مقالات سابقة للكاتب