حوارٌ مع “بواب العمارة”!

إذا كنت يقظاً وواعياً بما فيه الكفاية، بحيث تكون قادراً على رؤية كيفية تفاعلك مع الآخرين؛ فقد ترصد تغييرات صغيرة في طريقة كلامك وفي سلوكك، وذلك وفقاً على الشخص الذي تتعامل معه.
فقد يكون من الأسهل رؤية ذلك في الآخرين، ثم قد ترى ذلك في ذاتك.
إنَّ الطريقة التي تتكلم فيها إلى رئيسك المباشر قد تختلف بطرق خفية عن الطريقة التي تكلم بها بواب العمارة.
وطريقة كلامك مع طفل قد تختلف عن طريقة كلامك مع شخص بالغ. لماذا؟
إنك تلعب أدواراً.
فأنت لست ذاتك، لا مع رئيسك المباشر، ولا مع البواب ولا مع الطفل.
حين تدخل إلى متجر لكي تشتري شيئاً ما، أو حين تذهب إلى مطعم، أو إلى المصرف،أو مكتب البريد، قد تجد نفسك تنزلق إلى أدوار اجتماعية مسبقة؛ فتصبح زبوناً وتتكلم وتتصرف على هذا النحو.
وقد تُعامل كبائع أو كنادل، الذي أيضاً يلعب دوراً، مثل الزبون .
تصبح مجموعة من أنماط السلوك المشروطة في موضع التنفيذ بين شخصين يقرران طبيعة التفاعل بينهما بدلاً من كونهما بشرين يتفاعلان مع بعضهما؛ فإن صوراً ذهنية مفهومية هي التي تتفاعل مع بعضهاً، كلما كان الأشخاص المتماهون يلعبون أدوارهم النسبية؛ كانت العلاقات أقل أصالة ( صدقاً).
لديك صورة ذهنية ليس فقط عن ماهية الشخص الآخر، بل عن ماهيتك أنت أيضاً، لاسيما فيما يخص الشخص الذي تتعامل معه.فأنت إذن لا تتصل بهذا الشخص على الإطلاق، بل إن من تعتقد أنه أنت يتصل بمن تعتقد أنه الآخر، والعكس صحيح.
فالصورة المفهومية التي صنعها ذهنك عن نفسك تتصل بما خلقته بنفسها، أي الصورة المفهومية التي صنعتها عن الشخص الآخر.
والأرجح أن عقل هذا الشخص قد فعل الأمر عينه؛ ليصبح كل تواصل أنوي بين شخصين تواصلاً بين هويتين من صنع العقل، وهما هويتان متخيلتان بالمطلق.
وبالتالي ليس بالأمر المفاجئ هذا الكم من النزاع الذي نجده في العلاقات، فليس هنالك من علاقة حقيقية بينك وبين بواب العمارة حتى وإنْ أوهمت نفسك بأن هذا من تواضعك وأنّ ثمة حوار لطيف دار بينكما.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “حوارٌ مع “بواب العمارة”!

أحمد بن مهنا

جميل هذا الفكر ، وقيم هذا المستنتج !
وأضيف : الذين يتصنعون التواضع هم متكبرون وازدادوا قناعة بكبريائهم حينما تصنّعوا التواضع.
والتكيف مع الشخصيات والمواقف إذا ملك من الإنسان حيزا كبيرا جرده من شخصيته فليس بجيد ، إلا في حدود مايحقق المصلحة دون الإضرار بالأصل ، وكم هو جميل أن يهذب الإنسان الأصل ويحافظ عليه، حتى يقال ذاك فلان من سماع الأوصاف فقط.

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

ما أحوجنا إلى الأريحية و البساطة في التعامل مع كل الناس أيا كان أصلهم أو حتى ديانتهم و تحطيم ترسبات إسمنتية زرعت فينا من الصغر تدعو إلى تصنيف الناس حسب مهنتهم و جنسيتهم لتنتهي بنا إلى احتقار هذا أو إعلاء شأن ذاك بعيدا عن الميزان الشرعي العظيم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، و لا تعارض مع وجوب إنزال الناس منازلهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *