حديثنا اليوم ليس بالأمر الهين ، حديثنا هو مشكلة كل عصر وكل وقت ، حديثنا عن الطلاق فيحتاج إلى السهولة في هذا الأمر والإدراك الجيد لجوانب هذا الأمر ، الطلاق ليس عبارة عن إنفصال شخصين أو ابتعادهما فقط ، بل هو إنفصال عائلة بأكملها ، إنفصال الأولاد عن حياتهم التي اعتادوها مع أبويهما ، وهذا يسبب لهم بعض المشاكل النفسية وإحساس التشتت وأن هُناك أمرًا ما خطأ.
ألم تفكروا قليلاً في الأطفال كيف يفكرون ، أو كيف يشعرون وهم يرون أن والدهم سيبتعد عنهم ، أو كيف يتركون والدتهم نبع الحنان الذي يفيض ، الطلاق قد يحدث بسبب أمور صغيرة جدًا على أتفه الأمور تحدث مشكلة وببساطة يقررون الإنفصال ، وقد يحدث الطلاق بسبب تدخل طرف ثالث بينهما وهم الأهل فكل واحد منهما سينحاز إلى طرفه ، وتكبُر المشكلة من لا شئ وأهل الزوجة يخبروها أن تتطلق ، تطلقي فهو رجل ليس جيد ، دائمًا ما يفتعل المشاكل ، ليس حنونًا ، ليس عطوفًا ، ليس ..ليس ..ليس..، وأهل الزوجة يخبروه طلقها وغدًا نزوجك خيرًا منها ، طلقها فهي ليست مميزة في شئ ،فهي ليست …وليست ….وليست ، وفي النهاية ماذا يحدث؟ يقع الطلاق والأطفال ينقسمون جسدياً وعقلياً ، حتى وإن كان الأطفال وقتها مع والدهم جسدياً فـ ذهنياً مع والدتهم ، مما ينجُم عن هذا مشاكل نفسية للأطفال وهذا الضرر لا يؤثر على أسرة فقط تفككت وانتهى الأمر .
لا بل يؤثر على المجتمع أيضاً فالأطفال حينها يشعرون أن كل شئ سيئ مما يجعل نسبة العنف تزداد ، فينشأ جيل يخشى الزواج والإرتباط والإستقرار بسبب تفكيرهم أنهم سينفصلون ويحدث لأطفالهم كما حدث معهم في الصغر وتبقى الدائرة تدور وتدور إلى أن تقوم الساعة.
وهذا الأمر يجعل نسبة العنوسة تزداد ، ونسبة الإغتصاب الجنسي تزداد فهو الأمر الوحيد الذي يرضي شهوتهم دون الارتباط بعقد رسمي دون الارتباط بواجبات وإلتزامات ، ومشاكل ، وأطفال يكون مصيرهم الضياع مثلهم ، وقد يقع الطلاق بسبب عنف الزوج ، أو عصبيته المفرطة التي لا تجعل هناك مجالاً للنقاش ، أو التفاهم ، أو عدم عطفه على زوجته والحنو عليها ، أو عدم إشباع رغباتها العاطفية مما يجعلها تشعر أنها مجرد خادمة فقط ، وجسد له لإشباع رغباته فقط.
أو قد يحدث الطلاق بسبب متطلبات الزوجة التي لا تنتهي ومع ذلك لا يعجبها ، أو عدم القيام بواجباتها على أكمل وجه ، أو عدم مراعاتها للأطفال ، وأخطر سبب يؤدي إلى الطلاق وحصول المشاكل هو إجبار الفتاة على الزواج من رجل معين من أجل أن الأهل يرونه مناسبا لها ، فلديه وظيفة ذات مركز مرموق ، ومنزل كبير ذا أثاث عالي الطراز ، وسيارة فارهة ، وأموال طائلة ، و…،و…،و….، ولا ينظرون إلى ماذا تحتاج الفتاة.
هم يرون فقط أن تلك الأشياء هي كل ما تحتاجه فماذا ستريد ثانية ، تريد رجل حنوناً عليها عطوفاً رجل يعاملها كابنته قبل أن تكون زوجته ، رجل يكون لها سند ، ويترتب على ذلك ضياع الأطفال ، وزيادة تعاطيهم المخدرات ، وتعب نفسي ، وتشتت ذهني ، وعدم الثقة بالطرف الأخر ، ولن يشعر بالأمان أبدًا لأنه فقد الأمان والعطف في صغره بسبب تفرق والديه.
وأيضًا سيرى أن الزواج هذا أكبر جريمة ، أحيانًا هناك من يضلون طريقهم بسبب عدم وجود من ينصحهم من البداية ، وقد يدخلون عالم الإجرام والمخدرات وارتكاب الجرائم ، والتسبب بمشاكل في المجتمع ، وعدم إفادته بشيئ ، وأيضًا يهملون دراستهم لأنهم لا يجدون من يرشدهم أو يوجههم إلى طريق الصواب ، سينشأ جيل فاسد بمعنى الكلمة ، جيل لا يعرف معنى الأخلاق ، ولا يهتمون بما حولهم أو بأفعالهم تلك قد تؤثر على أشخاص آخرين ، ومن عواقب الطلاق أيضاً هو نظرة المجتمع للمرأة المطلقة على أنها مجرمة وخائنة ولا تستحق العيش ، وهذا يسبب لها مشاكل نفسيه يجعلها تكره المجتمع بما فيه فهم لم ينصفوها، بل جاروا عليها بالقيل والقال.
لذلك أرجوكم إن حدث خلاف بينكم اجعلوه بينكم لا يخرج لطرف ثالث لا يتعدي عتبة بابكم أبداً مهما حصل ، فالزوجة العاقلة هي التي لا تخرج ما حدث بينها وبين زوجها خارجاً تشتكي إلى الله قال تعالى:( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) .
وأيضاً الزوج عليه عامل وهو محاولة تهدئة الأمر بينهما وتذكر أيام المودة والرحمة بينهما فيجعل تلك الذكريات الجميلة تطغى على تلك المشكلة ، هل تعرفون يا سادة أن خلال عام 2018، حيث وصلت حالات الطلاق إلى مليون حالة بواقع حالة واحدة كل دقيقتَين ونصف، وقد وصلت نسبة العنوسة بين الشباب والفتيات إلى 15 مليون حالة، وهذا يعنى أن حالات الطلاق، تتعدى في اليوم الواحد 2500 حالة، فيما يقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون على يد مأذون، ونتج عن ذلك تشريد ما يقرب من 7 ملايين طفل.
وفي الختام يا سادة مهما تعددت المقالات وكثرت الأحاديث في هذا الموضوع فستبقى تلك مشكلة أزلية ، وأتمنى أن تكون بعثرة حروفي قد وفيت هذا الموضوع حقه ، وأرجوا أن تفكروا قليلاً قبل فعل هذا العمل الخطير.
مي عاطف موسى
مقالات سابقة للكاتب