عذراً أمي !

قال الله تعالى :( ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)..

شرع الله الزواج وهو الإرتباط بين الرجل والمرأة وجعل هذا الإرتباط وهذه الشراكة وما فيهما من الألفة والمحبة يفوق أي إرتباط آخر ..

ويكون هذا الإرتباط قوياً إذا كان كلا الطرفين راضياً تمام الرضا عن شريك حياته وليس مجبراً عليه ..

بعض الآباء والأمهات هداهم الله يجبرون أبناءهم ذكوراً كانوا أو إناثاً بالزواج ممن يقع عليه إختيارهم ( هُم ) لا إختيار صاحب الشأن ويعتقدون أن إختيارهم هو الأنسب وأن (إبنهم ) لا يعرف مصلحة نفسه ولا يستطيع إختيار الزوجة المناسبة ..

بما أنكِ رأيتي في ابنك الرجولة وتحمل المسؤولية وأعباء الحياة ، فدعيه يختار شريكة حياته ومن يرغب فيها ..

قال صلى الله عليه وسلم: (فأظفر بذات الدين تربت يداك )..

من هذا الحديث الكريم أقول لك (أيتها الأم) :
اجبريه على أن تكون فتاته و شريكة حياته ذات خلق و دين ..
اجبريه على أن يختار من تكون عوناً له في الحياة وتربية الأبناء .
اجبريه على أن يختار من تستطيع تربية أبنائه تربية صالحة ترضي خالقنا عز وجل ..
المرأة الصابرة الوفية.

لكن احذري أن تختاري (أنتِ) المرأة التي سيعيش (هو)معها و من ليس له رغبة بها و تجبريه على ذلك الإختيار، وإن لم يفعل ما تأمرينه به تغضبين منه ويصبح في نظرك (الولد العاق )….

أنا فلذة كبدك يا أمي ، إبنك البار ،إبنك المطيع ،الحنون الذي لا يعصي لك أمراً بشهادتك أمام الجميع .. أقربائك ، جيرانك ، حتى إخوتي ، ولكن عندما أرفض من وقع إختيارك عليها لتكون زوجة لي أصبح (الولد العااق )…..؟؟

عذراً أمي… فهذا ليس من العقوق..

بعض الشباب يتزوج من تختارها والدته فقط من أجل إرضائها ، ولكن يعيش تلك الحياة بدون مشاعر ، بدون أي تفاعل مع تلك العلاقة، يؤدي واجباته الزوجية فقط ..
كيف للأم أن تفعل هذا بنفسها و ولدها، بإجباره على هذا الزواج ظلمت إبنها و ظلمت فتاة لا ذنب لها ، فتاة لن يبادلها إبنها المشاعر و الأحاسيس ..
سيعيش هذا الإبن مع هذه الإنسانة وهو يتمنى إنسانة و حياة ثانية غير هذه التي أجبر عليها ،
فلا يستطيع الإنسجام مع (هذه) الحياة ولا يستطيع نسيان (تلك) الحياة التي كان يحلم بها ..
حتى مع مرور السنين و إنجاب الأطفال قد لا يتغير في حاله شيء و ربما يزداد سوءاً… أو ربما يصل الوضع إلى الطلاق ..

كيف للأم أن تجبر إبنها أو إبنتها على زواج سيبقى ربما مدى الحياة فقط من أجل إرضاء(ذاتها) و رغباتها وكل ما تقوله هو ((قدر الله وما شاء فعل هذا ما كتبه الله له وعليه الصبر والتحمل والتعايش مع نصيبه))
سيصبر ويتعايش مع نصيبه ولكن كل ما مرت عليه أيام صعبة أو حصلت له مشكلة ما مع زوجته لن يمرر ذلك بسلام و سيتذكر أن تلك المشاكل والخلافات لا تحصل الا معه هو لأنه لم يكن يرغب بذلك الزواج ، مع أن الحياة الزوجية لابد فيها من الخلافات البسيطة التي تحدث مع سائر البشر ..

في بعض الأحيان يكون إجبار الإبن على الزواج من فتاة معينة من أجل المظاهر ، حتى إذا رأى الناس تلك الفتاة وأخلاقها و جمالها يبدأون بمدح (أم) الإبن وكيف أنها انتقت لإبنها تلك الأخلاق وذاك الجمال الجذاب والأناقة وتبدأ الأم بالتباهي وتقديم تلك الفتاة لكل المعارف بكل فخر وسعادة وأنها كانت من إختيارها (هي ) ، وأنها استطاعت إقناع إبنها بها …

نِعمَ الإختيار يا أمي وهذه هي التي بإذن الله ستكون عونا لي في هذه الحياة وتصونني وتحفظ بيتي ، نعم أريد هذه الأخلاق والتربية الحسنة .. ولكن أريدها مِن إختياري أنا لأنني أنا من سيعيش معها طوال حياته يا أمي …

((عذراً يا أمي… هذا ليس من العقوق ))

 إيمان عثمان ونقراوي

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “عذراً أمي !

محمد الصوفي

ابداع ورب الكعبه

أحمد بن مهنا

بارك الله فيك ، وفي فكرك ، ونفع به .
مشكلة ! أن لا نجود معاييرنا ثم نصر باعتمادها معايير ، وفي ديننا تبيان كل شيء .
شكرا للكاتبة كثيرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *