لكل إنسان منا ثقبًا يرى الحياة من خلاله ، فمنهم وفق إختصاصه و منهم يتبلور تكوين هذا الثقب من خلال إطاره الفكري و المجتمعي و العلمي و الديني و هذا ما يُكَوِّن بما تتم تسميته ” وجهات النظر ” و لهو أمر تشاركي تكاملي و يكون تكافلي للناس في هذه الحياة ، و كما ذكرت في مواضع مختلفة عن هذا الموضع بأن لا يمكن للإنسان أن يكونَ باحثًا عن الحقيقة بشكل جيد إذ كان يبحث بمنظور يوافق متطلباتهِ الخاصة أو مذهبه الديني و الفكري بإسلوب عنصري متمنهج يمارس به دوغمائيتهُ الخاصةِ به ، كون إستمراره بالإطلاع على الآراء التي يميل إليها فقط ،ينتهي به الحال لمفاهيم ضيقةٍ ومحدودةٍ تزدادُ رسوخًا بمرور الأيام .
إن من وجهات النظر ما يرفع مقام الشخص و منها ما يدنو به ، فكلَ إنسان تضل قيمته بما يُقدم و لعجبًا أن نرى الديموقراطية كإنموذج تسمح بتعدد وجهات النظر و يُتبَع حُكم الأغلبيةِ فيها و سأخبرك سِرًا عنها” لذلك الديموقراطية فاشلة ، خصوصًا في المجتمعات البلهاء ” ، فما أقصده هنا و أحيك كتابتهُ لك بهذا المدخل أن ليس كل وجهة نظر بالطبع هي سديدة و ليس كل رأي يُشادَ به ، فلذلك وجبت عليك أيها الإنسان الإنتقائية في كل ما يدخل عقلك ومع من تتحدث وعن ماذا تتحدث ، كون فتح العقل لكل هابة يجعله خاوي ملئ بالأتربة ، و لكن يظل خوف المجتمع من تعددية الآراء ينتهي به بثقافةٍ ونظرةٍ ضيقةٍ وجيلًا يملك ثقةَ الجهلاءِ ، فإن للكل حق الإبداء و المقصود أعلاه أن ليس للكل حق إرساء و سيادة هذا الرأي فيجب علينا التفريق بين وجهة النظر و الحقيقة و أن لا يُقبل الخطأ تحت مظلة ( وجهة نظر ).
أي : أن هنالك من يختلف معك لكونك لا تروق له فقط ، أو كي ينتصر لنفسه لا من أجل القضية ، و ستجد من يقدم الرأي من دوافع عنصرية بكل حماقةٍ غير موضوعيةٍ تُكَوِن وجهة نظر غير سديدة بل حتى للمجنون نجد وجهة نظرٍ تجدها تُعشش في دماغه ، و هنالك و جهات نظر تدعوا للكذب أو التزوير و البهت و الخروج عن حدود الله بطغيانها اللا أخلاقي ، فهنا نجد بأننا في صداد مُخرجات ترتدي لباس الرأي السديد و قد تكون بمطية واعظ ينشر سحر بيانه العاطفي في خطابهِ يجعل من يستمع إليه كالصُم البكم العمي ، فهنالك وجهات نظر لا يُمكن جعلها بمكانة وجهة نظر سليمة أبدًا و إنما فائدتها الوحيدة هي تبيان و إمكان وجهة النظر المخالفة السديدة في مكانتها ، و إن من أعظم الإختلافات في الرأي ما نشاهده من العلماء بحيث تجد أن ” إختلاف العقلاء كلاهما صواب ” و هذا ما نفتقده في الوجهتين لا في وجهة واحدة هذه الأيام بسبب تمكين غير المتوازنين فكريًا و المُصيبة في الإكراه الديكتاتوري في هذه الأراء فهنا يَحُل علينا القَسَم فنجد أن الميلان في التخيير بين الرأيان يسود إلى تسييرٍ إلى هذين الطريقين بدون ثالث لها كمنجي .
هناك عدة مفاهيم يجب أن تتغير لنشر ثقافة قبول تعدد الاراء :
ومنها تجاوز سياسة إن لم تكن معي فأنت ضدي ، كما يجب أن يسود مفهوم أن إختلافي معك بالرأي لايعني إنني أكرهك أو لا أحترمك، و أن لا يخرج الأمر عن كونه إختلاف بالرأي مع الاحتفاظ بالود والإحترام ، و تجنب القمع الفكري والجدل العقيم ورمي التهم لمجرد الإختلاف بالرأي بالفجورة في الخصومة ، قد تجدون ما أقوله هينًا بديهيًا و لكن هذا التقبل لا تجده حتى في الطاولات المستديرةِ داخل النقاشات الأكاديمية المختصة و في هيئات العلماء المتعددين ، ولا في ساحة العلم والفكر بشكل واقعي يا صديقي سواءًا في العالم العربي و العالم الغربي ، فنحن لم نجد تقبل التعددية في المذاهب الدينية كذلك في العالم العربي و لوبيات الداروينية الحديثة التي تفصل كل أستاذ جامعي لا يؤيدوها في العالم الغربي والأمثلةُ كثر ، و من هذه المفاهيم كذلك العمل على زرع العقلية المرنه التي لا تزوغ عن السليم من عاداتها وعن دينها و إنما في ضل ما يَقبل الإختلاف فيها بمرونة تغير الأراء بتجديدها و تطويرها بهالة ترتسم على عقل الفرد كعقلية ( ثقافية مرنه ) لا كعقلية جاهلة أو ( متعلمة حافظه ) تتكل على إرتسام دوغماتي مرير .
مروان المحمدي
مقالات سابقة للكاتب