بدون زعل.. وجهة نظرك ليست الحقيقة!

‏كلُّ حدثٍ في الحياة، تتشكّلُ حوله وجهات نظر مختلفةٍ، تتخطفه الأذهان حتى تُلقي به في نهاية أمرها في جُبٍّ قَصيٍّ لا يَمرُّ به سيارةٌ عابرون.
لذلك إنْ نظرتَ من زاويةٍ واحدة للمأساة التي تمرُّ بها؛ ستشعرُ بمزيدٍ من الأسى والحزن، لكن إنْ نظرتَ من وجهة زوايا أخرى إلى المأساة نفسها؛سوف ترى أنَّ تلك النظرة تمنحك فرصاً جديدة.
فإذا كان لدينا القدرة على صنع معظم معاناتنا، ينبغي علينا أنْ نكون أكثر قدرةً على صنع المزيد من البهجة في حياتنا. والمفتاح الأساسي لذلك يكمن في وجهة النظر، فما هي إلَّا  مفتاح رئيس لكل الأقفال التي تسجن بهجتنا.
فعندما تعتني بوجهة نظرك تجاه الحياة، أو تكون قادراً على إعادة هيكلة تصوُّرك الذهني على نحو أكثر إيجابية استناداً إلى وجهة أوسع، أغنى، وأكثر دقة؛ ستجدُّ نفسك تتحلّى بالتفاؤل الواقعي.
إنَّ الطريقة التي نرى فيها الحياة هي الطريقة ذاتها التي نختبرها فيها. ولذلك فإنَّ تغيير الطريقة التي نرى فيها الحياة؛ يُغيّرُ بدوره طريقة شعورنا وطريقة تصرفنا مما يُغيّر الحياة في حدِّ ذاتها.
فهذه الطريقة التي ترى فيها الحياة، والمعنى الذي تُضيفه على ما تشهده؛تُغيّر طريقة شعورك، ويمكن لها أنْ تكون الخطوة الأولى نحو رحلةٍ روحية عصيبة ستؤدي إلى المزيد والمزيد من الاتزان.
وبصورة متأملة لحالنا؛ نرى البعض يعاني من قصر النظر المنظوري؛ونتيجةً لذلك نبقى قصيري البصيرة عاجزين عن رؤية تجربتنا بطريقةٍ أكبر.
فعلى سبيل المثال،عندما نواجه تحدياً، غالباً ما تكون ردة فعلنا على الموقف هي الخوف والغضب؛ إذ يمكن للتوتر أن يجعل من الصعب علينا التراجع ورؤية وجهات النظر والحلول الأخرى.
ولكن إنْ استخدمنا وجهة النظر الأوسع ووجهة النظر الأكبر؛ سنرى أنه كيف يمكن للصدمة أن تؤدي إلى النمو والتحول؟ وكيف يمكن لحدثٍ سلبي أن يصنع في الواقع أمراً إيجابياً؟
وكأن هذا التحول يدعونا لرؤية النعمة في النقمة، والبهجة في الحزن، ويقدّم لنا تجربةً فكرية تُظهر الجانب الإيجابي؛ كي يخرجنا من وجهة نظرنا المحدودة؛ لندرك أنَّ ما نظنه غالباً الواقع هو مجرد جزء من الصورة، وأنَّ وجهة نظرنا ليست هي الحقيقة.
إننا إنْ أدركنا أهمية استخدام وجهة النظر الأوسع ووجهة النظر الأكبر؛سنحظى بتحولٍ عميق في منظورنا تجاه الحياة، هذا التحول سيسمح بالترحيب بالكثير من البهجة في وجه الكثير من الحزن.
فوجهة النظر الأوسع ووجهة النظر الأكبر يشتملان على التراجع إلى الخلف داخل ذهننا؛ كي ننظر إلى الصورة الأكبر وننتقل إلى ما وراء وعينا الذاتي المحدود ومصلحتنا الذاتية المحدودة.
هذا التحول ينقلنا بعيداً عن التركيز ضيّق الأفق على الخطأ والنقص إلى وجهة نظرٍ أوسع تركز على الفائدة والوفرة.
وهذه النقلة النوعية في وجهة النظر تسمح ليس بتقبّل الواقع فحسب، بل أيضاً برؤية الفرصة في كل تجربة.
إنَّ وصولنا لمرحلة التقبّل هذه تجعلنا نتجاوز مصارعة الواقع إلى إحصاء النِعم في وجهات النظر الأخرى بدلاً من إحصاء أعبائها.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

3 تعليق على “بدون زعل.. وجهة نظرك ليست الحقيقة!

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

كان أحد السلف اقرع الرأس أبرص البدن أعمى العينين مشلول القدمين و اليدين و كان يقول : ” الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا ممن خلق و فضلني تفضيلا ” فمر به رجل فقال له : مما عافاك ؟
أعمى و أبرص و أقرع و مشلول فمما عافاك ؟
( هذا حال العامة )
فقال : ويحك يا رجل ؛ جعل لي لسانا ذاكرا و قلبا شاكرا و بدنا على البلاء صابرا .
(و هذا دأب الخاصة )
و عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، و ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ” . رواه مسلم .

سليمان مسلم البلادي

جزاك الله خيرا استاذ نفاع لكرم مرورك.

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

آمين و إياك أستاذ / سليمان
و ما مررت إلا لتميز مقالاتك شكلا و مضمونا
(ما شاءالله) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *