♦ الملخص:
فتاة تقدم شاب للزواج منها، لكنَّ والدَيْها رفَضاه بحجة أنه ليس من طبقتهم، وتسأل عن حلٍّ.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أبلغ من العمر الثلاثين، وأريد الزواج من شاب يبلغ من العمر الخامسة والثلاثين، كلٌّ منَّا يَعرِف الآخر منذ أكثر من عشر سنوات، لكن المشكلة تكمُن في أن والديَّ يرفضان بشدة لأسباب منها: أننا لسنا من نفس الطبقة، وأنه ليس جميلًا، وقد حاولت كثيرًا مع بقية الأهل، لكنهم لا يريدون مساعدتي؛ لكيلا يغضب منهم والداي، مع العلم أن أبي وأمي أخبراني أني أستطيع أن أتزوج به، لكنهما سيغضبان مني وسيقطعان الاتصال بي.
لقد أتعبني هذا الأمر كثيرًا، فأنا لا أستطيع أخذ القرار، فمن جهة لا أُريد أن أظلمَ الرجل الذي ينتظر موافقة أهلي بفارغ الصبر، ومن جهة لا أريد أن أخسَر أهلي ولا أستطيع أن أبتعد عنهم، أنا في حيرة من أمري، وقد استخرتُ ربي كثيرًا، أرجو توجيهكم وجزاكم الله خيرًا.
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين:
ملخص المشكلة: أنكِ تعرفتِ على شابٍّ منذ عشر سنين، وخطبكِ من والديكِ ورفضا بحجة أنه ليس من طبقتكم وأنه ليس جميلًا، وهدداكِ بالقطيعة إذا تزوجتِه، وتسألين: هل الزواج من الشاب بغير رضا الوالدين عقوق؟ وأنتِ في حيرة من الأمر: هل تتزوجين دون رضا والديكِ، وخوفكِ ظلم الشاب وهو منتظر طوال تلك السنين، فالتوجيه حيال هذه المشكلة ما يلي:
١- التوبة إلى الله من هذه المعرفة والعلاقة مع الشاب دون وجه شرعي؛ فهو أجنبي عنكِ.
٢- إذا كان هذا الشاب ممن ترضون دينه وخلقه، فاسعي جاهدة لإقناع أهلكِ بالموافقة، واستعيني بالأقارب ممن لهم كلمة وجاهٌ عند والديكِ، ويمكن أيضًا إشراك أصدقاء الوالد أو أهل العلم والجاه في محاولة إقناع والديكِ، ولكن إن أصرَّ على رفضه، فلا سبيلَ للزواج إلا بوليٍّ، واحذري الإقدام على مخالفةِ أهلِكِ، أو الزواج بغير رضاهم؛ فتزويج الفتاة لنفسها لا يجوز، ووليُّ المرأة شرط في صحة النكاح؛ فمن حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيُّما امرأةٍ نُكِحَتْ بغيرِ إذنِ وليِّها، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فإن دخلَ بها، فلها المهرُ بما استحلَّ من فرجِها، فإن اشتَجَروا، فالسلطانُ وليُّ من لا وليَّ له))؛ [رواهُ أحمدُ، وأبو داود، والترمذيُّ، وصححه الألباني].
٣- طاعة والديكِ وبرهما والإحسان إليهما من أعظم القربات؛ قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، واعلمي أن والديكِ أحرص الناس على سعادتكِ وراحتكِ واطمئنانكِ، فنظرتهما غالبًا تكون ثاقبة وتصدر عن تجربة في الحياة طويلة، فلهما نظرة فيمن يصاهرون ويقربون؛ لأن الارتباط الزوجي والأسري ارتباط وثيق، وحياة دائمة، ويترتب عليها التزامات شرعية واجتماعية واقتصادية وغيرها، فهما أعرف منكِ في ذلك؛ فلا تتغلب العاطفة تجاه هذا الرجل مقابل عدم الاهتمام بتوجيه الوالدين ورأيهما فيه.
٤- تقولين إنكِ تخشين ظلمَ هذا الرجل؛ لأنه انتظر كثيرًا للموافقة من والديكِ، فلا تخشي ذلك وليس ذلك بظلم كما تتصورين؛ لأن الزواج قسمة ونصيب، ولا بد من الرضا بقضاء الله وقدره، وإن لم يحصل نصيب، فسوف يغني الله كلًّا من سَعته.
٥- أنتِ الآن في فسحة من أمركِ في تبني حياتكِ الأسرية على نكد الوالد والوالدة وعدم رضاهم، لأن الوالدين لا يعوضان بينما الزوج يعوض، تصوري لو خرجتِ عن طاعتهم وتزوجتِ، قد تكون فرحة مؤقتة، ثم ماذا بعد؟ كيف تستطيعين التواصل مع والديكِ إذا لم يرضيا عنكِ؟ ستعيشين في دوامة جديدة، في حالة حصول أي مشكلة أو اختلاف مع الزوج، فلمن تلجئين بعد الله؟ وربما حتى أقاربكِ يتعاطفون مع والديكِ ويقطعون التواصل معكِ، فأريدكِ أن تفكري في المستقبل ولا تُغلِّبي الجانب العاطفي في هذا الأمر.
٦- لا تيئَسي من روح الله تعالى وادعي الله أن يكتب لكِ الخير أينما كان، وأكثري من الاستغفار والتوبة، وحافظي على طاعة والديكِ وبرهما والإحسان إليهما.
٧- إذا حصل نصيب مع هذا الرجل برضا الوالدين فالحمد لله، وإن لم يكن هناك نصيب، فأوضحي له أن الزواج قسمة ونصيب، والله له حكمة في ذلك، واقطَعي علاقتكِ معه ولا تفكِّري فيه، وتخلَّصي من العلاقة الماضية بالتوبة والاستغفار، واسألي الله أن يرزُقكِ الزوج الصالح، واطلبي من والديكِ الدعاء والسماح لكِ إن حصل منكِ ما أغضبهما، والله عز وجل سيعوضكِ خيرًا.
أسأل الله لكِ التوفيق والسداد، وأن يفرح همكِ وينفس كربتكِ ويوفقكِ لطاعة والديكِ؛ إنه جواد كريم.
المستشار الأسري
د. صلاح محمد الشيخ
دكتوراة من الجامعة الاسلامية كلية الدعوة وأصول الدين – قسم التربية
ماجستير من جامعة أم القرى – كلية التربية – قسم التربية
دبلوم المستشار الأسري
دورة مهارات تقديم الاستشارات الأسرية عبر الهاتف
خبرة في مجال التربية والتعليم تزيد عن ٢٦ سنةً