المستبد العاجز

بسم الله الرحمن الرحيم..

يقول الله تعالى -: ( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) نفس السنن الكونية منذ بدء الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ونفس منطق الطغاة الجبارين الذين حكى الله لنا قصصهم في القرآن نفس الأسئلة التي يكررها من رأى في نفسه بعضًا من القوة في العلم أو الجسم أو الكثرة ونفس السنن تجري وتطبق على من هذا شأنه، وكما رأينا في الآية التي تتحدث عن قوم عاد رأينا ذلك في العصر الحديث أمثالهم ومن درج على منوالهم وغزل غزلهم، فمنذ اختراع الآلة والعجلة الدوارة ضجت المصانع وأصبح العالم يسارع الزمن وكأن الوجل  أصابه خوفًا أن يدركه الوقت ولم ينجز ما أراد انجازه.

حين تحكم الإقطاعيون من علية القوم في العالم الغربي وبمساندة رجال الكنيسة بشقيها والنهم الذي أصابهم والظلم الذي اقترفوه والجبروت الذي ساروا في ركابه واستغلال جهل العامة واتخاذ الدين مركبًا ليصلوا إلى غاياتهم  حتى ضج الناس من ذلك العمل الذي تعاون فيه النبلاء كما كانوا يسمون أنفسهم أو الأرستقراطيين المدللين وتجار الدين في الكنيسة الذين افرغوا جيوب الناس وملئوا جيوبهم بالمال القذر فهاجت الشعوب في أوروبا القيصرية ونادوا بثورة عارمة فكانت الثورة الفرنسية التي حملت شعارًا رهيباً فظيعًا كفظاعة ما عاناه العامة من تحكم الانقطاع وتجار الدين بهم على حد سواء فكان جزاء وفاقًا وهذ الشعار هو ( اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس).

 نعم كفرت أوروبا بالدين بعد الثورة الفرنسية وتبنت الإلحاد (ايدلوجية) وعقيدة لها وتصادفت الثورة الفرنسية مع اختراع العجلة الدوارة فكانت الثورة الصناعية وآمنت بالآلة وجعلتها ربا وإلهاً لها من دون الخالق ثم توالت الصناعات فاغتر البشر بما صنعوا وما أوتوا من علم  ومع كل اختراع يزدادون غرورًا وتجبرًا وصلفاً حتى هداهم شيطانهم إلى تلك العبارة التي اعمت أبصارهم وبصائرهم وزادتهم صلفا وتجبرًا وعنجهية وغرورًا فأعلنوها وبكل وضوح وتبجح ( نحن قد بلغنا من العلم الدرجة التي لا نحتاج فيها إلى الله).

وحين يبلغ الإنسان هذا الحد من التجبر والانكسار والعنجهية المقيتة  يجب أن يعرف قدره وأنه مهما فعل ومهما صنع من آلات كبيرة وتكنولوجيا معقدة سيظل ذلك الإنسان الضعيف الذي يهزمه (فيروس) لا يرى بالعين المجردة وهكذا حدث فيروس صغير أصاب العالم بالهلع والخوف فدمر اقتصاد أكبر وأعظم دول العالم وأكثرهم أموالاً و إعدادًا نعم وقف العالم ينظر إلى تدهور آلهه الذي اتخذه من دون الله وقف العالم المادي حائرًا عاجزًا حتى قال رئيس أعظم دولة رأسمالية في التاريخ الحديث أمريكا وتوسل للعالم أن يهرعوا إلى الصلاة تلك الصلاة التي لم يؤمن بها قط ووقف رئيس وزراء إيطاليا ليعلنها قائلا إن كل حلول الأرض باءت بالفشل ولم يبقى الا حلول السماء عجيب والله هذا الأمر ( ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوٓاْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍۢ ) ولكن لا يصح إلا الصحيح والحق يعلوا ولا يُعلى عليه فهل أدرك العالم المادي البحت أن المادة لا تكفي لتمضي الحياة قدما وأنه يجب أن تكون الروحانيات والإيمان شريكا في ذلك بل يجب أن يكون هو القائد وتأتي المادة تبعا له هل أدرك ذلك أم أنه النفاق السياسي ثم إذا انقشعت الغيمة يعود إلى سالف أمره وينسى إذا فلا ينسى في خضم ذلك أن الله يقول ( عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)

نعم حتى الذين اتخذوا الإلحاد والمادية البحتة قاعدة (وايدليوجية) لهم لم يخجلوا في هذه الآونة من تبني الدين ولم يبالوا أن يرموا بالدروشة أما نحن المسلمين فنأخذ بالأسباب في الحد من انتشار هذا الوباء ويبقى الحل والتدبير بيد الله تعالى هذا يقيننا لا نحيد عنه قدر أنملة ولا نخجل أن نعود إلى المعين العذب القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، سيتبعنا العالم في ذلك حين تضيق به السبل، فاللهم ردنا إليك ردا جميلا واحفظنا وجميع بلاد المسلمين والعالم أجمع واكلأنا برعايتك وركنك الذي لا يرام وعينك التي لا تنام.

إبراهيم يحيى أبوليلى

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “المستبد العاجز

عبد العزيز تراوري

كلام جميل سليم
اللَّهم أذهب عنا البلاء
واعف عنا وتجاوز عن خطايانا

شادية

سلمت أناملك ابوليلى كلام في غاية الشفافية ؛ لابد أن نتعظ من هذه الغمة التي ألمت بالأمة ونراجع حساباتنا ونصحح أخطائنا ونصفي قلوبنا لابد أن نرجع أقوى آيماناً بالله وأكثر أخلاصاً له .تقبل تحياتي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *