محطة استراحة

تضجر الكثير من الأسر وخاصة الرجال من البقاء في المنازل منذ أن بدأ حظر التجوال بسبب سلامة الجميع من انتشار وباء ( فيروس كورونا ) أجارنا الله وإياكم منه ، وسلّمنا وبلادنا من شره وضرره ..

لعلنا نناقش القضية من زاويتن ..
الأولى : الحفاظ على سلامتك وأسرتك من نقل هذا الفيروس بسبب مخالطتك للآخرين من الزملاء والأصدقاء الذين لاتعلم من منهم حاملًا للفيروس فتحصل العدوى ، فهذا الإجراء الذي اتخذته الدولة وفقها الله والتي تهدف به الحرص على سلامة المواطن والمقيم على حد سواء ، كان الواجب على من تضجر أن يشكر ، ويسلًم لقضاء الله وقدره ، وإن رأى في ذلك قيد لحريته خلال ساعات الحظر وأن المصلحة العامة التي تعود عليه وعلى أسرته أعظم من انزعاجه وسخطه لهذا الإجراء ، في المقابل رحب الكثير من الناس بهذا وشكروا وامتثلوا ووجهوا أبناءهم وشبابهم بأن المصلحة والسلامة في الامتثال والطاعة والصبر والتحمل من أجل الفرحة بعد زوال هذا الوباء بإذن الله ، فهم على قدر كبير من تفهم العواقب ومعرفة الإجراءات الاحترازية التي تكون وقاية استباقية لأي خطر يداهم الإنسان والأسرة فهم مثلُ يحتذى به ، تمثل في مخرجات ونتائج علمهم وثقافتهم التي حصلوا عليها في مسيرة حياتهم العلمية والثقافية .

الزاوية الثانية :
البقاء مع الأسرة ساعات طويلة ، ربما لم يخطر على بال أحد ؛ أن زمنًا يأتي تبقى مع أسرتك أكثر من ١٠ ساعات متواصلة وبشكل يومي لفترة من الزمن تطول الأسابيع ، سبحان الله ، وهو الحكيم العزيز ، اللطيف الخبير ، يخلق ما يشاء ويختار ، وكل شئ خلقه بقدر ، وقد وقع الأمر باختيار أو بغير اختيار، فلماذا لا ننظر لهذا بجانب إيجابي
لماذا لا تنظر أيها الأب ، أيتها الأم ، أيها الأبناء والبنات أنها فرصة كبيرة أن يجتمع شملنا ، كلنا صغيرنا وكبيرنا في وقت واحد ، قلّما حدث وربما يكون في النادر وربما لا يكون الجمع لكل الأسرة ..

نعم إنها فرصة للأب أن يرى أبناءه وبناته عن قرب ولوقت طويل يشاركهم همومهم يتعرف على سلوكياتهم أكثر ، يسمع منهم يحاورهم يناقشهم يتعرف على مواهبهم واتجاه أفكارهم ، فرصة للتوجيه ، فرصة لاكتشاف ما كان غائبا عنك أيها الأب ..

فرصة للزوج والزوجة أن يكون اللقاء أكثر قربا وأكثر تفاعلًا في المشاركة في المسؤوليات ، لعلك أيها الأب وأيها الزوج تكتشف خلال هذه الفترة هذه المملكة المحصّنة التي تديرها الأم أو الزوجة ، من مسؤوليات تجاه أولادك وواجبات تجاهك من طعام وملبس وترتيب ونظافة وغيرها الكثير ، لعلك خلال هذه الأيام اطلعت تماما على معاناة زوجتك في هذا الحصن ( المنزل ) من القيام بكل هذا ، كنت سابق هذا الحظر ، تحضر في وقت معين تجد كل شئ جاهز ، تطلب تجد ، تأمر ينفذ ، تأكل وتشرب وتنام وسرعان ما تغادر ، لكنك لم تعايش الظروف التي مرت بزوجتك في الإعداد والتحمل والصبر من أجلك ، ومع هذا ربما تصرخ وتتضجر من نقص أي شئ تريده ، اليوم انكشفت لك تلك المعاناة ( طبخ – غسيل – ترتيب – نظافة – تربية – تدريس – متابعه والكثير الكثير – أعانك الله أيتها الأم والزوجة ، فالمنصف الآن مع هذه المحطة أن يعلم أن دور الأم والزوجة عظيم جدا في المنزل فعليه شكر الله تعالى أولاً على أن رزقه زوجة صالحة محبة عفيفة حافظة لنفسها مهتمة به وبأولاده ثم يقدم شكره لها بالكلام الجميل والمساندة الصادقة ، والمراعاة العطوفة الرحيمة التي تدل على كرمه ، وصدقه ، ونبل أخلاقه ، ثم يشاركها الهموم والمسؤوليات فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله وهو القائل ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) ..

فرصة لكما أيها الزوجان أن تكونا قريبان من أبنائكم ، أشعروهم بالحب والود والرحمة ، ذكروهم بطاعة الله تعالى والمحافظة على الصلاة فرصة أن تصلوا معهم وتعلموهم أن أعظم صلة بين العبد وربه إقامة الصلاة
بشروهم بأن الصلاة من مفاتيح الجنة وأن الله تعالى من كرمه وفضله ورحمته ؛ مثل ما جمعنا هذه الأيام كلنا في وقت واحد فإنه سبحانه يجمع الأسرة المسلمة في الجنة بكل الأباء والأجداد والذرية اذطا كانت متمسكة بدينها ، قال تعالى ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ ) ..

اسأل الله أن يجمع شملنا على تقواه وأن يرفع عنا وعن بلادنا وعن المسلمين كل شر وفتنة ، وأن يصلح ذريتنا ويخلص نياتنا ويرزقنا صالح العمل وصوابه .

المستشار الأسري
د.صلاح محمد الشيخ

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “محطة استراحة

أ.نويفعة الصحفي

أزمة كورونا هذا الوباءِ والداءِ الصعبِ والجائحةِ التي أذهلتْ العالمَ وأصبحَ همها الأولُ . .
ومن وجهة نظري أرى إنَ وباءَ كورونا أعطى الأمَ والأبَ موقعهما في قمةِ هرمِ الأسرةِ في التوجيهِ والرعايةِ والمتابعةِ فأصبحتْ الأسرةُ مدرسةً وأصبحَ الأبُ يرى بنفسهِ عظمَ دورِ الأمِ في رعايتها لبيتها وأسرتها . . كلُ هذهِ اللحمةِ الأسريةِ أتمنى أنْ تنعكسَ على المجتمعِ الذي أبدى أجملُ صورِ التقيدِ بتعليماتِ وإرشاداتِ وزارةِ الصحةِ . خاصةٌ أنَ الأسرةَ هيَ ركيزةُ المجتمعِ ومنْ تنطلقُ البناءَ الصحيحَ لمجتمعنا .
ولا يخفى علينا أنَ الآباءَ والأمهاتِ عانوا منْ التناقضاتِ الأسريةِ والتواصلِ الأسريِ الشحيحْ كثيرا ، مما خلقَ شرخا في البنيةِ الأساسيةِ عندَ بعضِ الأسرِ التي سوفَ تعودُ إلى طبيعتها إنْ شاءَ اللهُ بعدَ زوالِ هذهِ الجائحةِ . .
وأدركَ كلُ فردِ دورِ غيرهِ في هذهِ الحياةِ سواءٌ على مدارِ الأسرةِ أوْ المجتمعِ بلْ الوطنَ كلهُ .
شكراً لكم د. صلاح الشيخ مقال جاء في وقته نفع الله بكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *