في ثقافتنا الإنسانية الدارجة غالباً تميل” الأنا” إلى المساواة بين الملكية والكينونة.
“أنا امتلك؛ إذن أنا موجود”.
فكلما زاد ما امتلكه؛ زادت أناي أكثر.
فـ “الأنا” تعيش على المقارنة، وتزداد تمدداً بإحساس التميز.
**********
إذا كان الجميع يعيش في القصور، أو كان الجميع ثرياً، فلن يخدمك قصرك ولا ثروتك في تعزيز إحساسك بذاتك.
حينها يمكنك الانتقال إلى كوخٍ بسيط، وأن تتخلّى عن ثروتك، وأن تستعيد هويتك من خلال رؤيتك لنفسك ورؤية الآخرين لك بأنك أكثر روحانية من ذي قبل.
لكن ما يحدث أنه كيف يراك الآخرون؛ تصبح المرآة التي تخبرك كيف أنت ومن أنت.
**********
إن إحساس” الأنا” بالقيمة الذاتية في معظم الأحيان مرتبط بالقيمة التي لديك في عيون الآخرين. فتحتاج إلى أن يمنحك الآخرون إحساساً واهماً بالذات.
وإذا كنت تعيش في ثقافة تساوي إلى حد كبير بين القيمة الذاتية ومقدار ونوعية ما تمتلكه، ولم تكن قادراً على رؤية هذا الوهم الجماعي على حقيقته؛ فستكون محكوماً طوال حياتك بالبحث عن الأمل الكاذب بإيجاد قيمتك وإكمال إحساسك بقيمتك الذاتية.
**********
إذاً، كيف يمكن لنا أن نتخلى عن الارتباط بالأشياء ونحوها؟
لا تحاول القيام بذلك فهو مستحيل؛ فالتعلق بالأشياء ينتهي تلقائياً حين لا تعود تبحث عن إيجاد ذاتك فيها.
وفي هذه الأثناء، كن واعياً لمسألة صلتك بالأشياء.
أحياناً قد لا تعرف أنك مرتبط بشيء ما، أي متماهٍ مع أمرٍ ما حتى تخسره أو يكون هناك ثمة خطر من فقدانه.
فإذا استأت عندئذ وأصبت بالقلق، وما إلى ذلك؛ فهذا يعني أنك مرتبط بهذا الشيء.
**********
فإذا كنت واعياً أنك متماهٍ مع شيء ما، فالتماهي لا يعود كلياً، ولا تكون في هذه الحالة منتظراً من يقدم لك التهاني بما أنجزت أو بما امتلكت.
**********
” أنا الوعي الذي يعي أنه هناك تماهٍ ما”
هذه هي بداية التحول في الوعي في الانفصال عن ما ترتبط به وتتصل به من ممتلكات ومناصب وأولاد ووظيفة.
**********
سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي