قروبات الواتساب.. تشاركٌ وتعارك!

حين نتحاور؛ فنحن نغرفُ من عقولنا.
وحين نتناقشُ؛ فنحن نسمح للضوء أن يلج ويخالط معارفنا وخبراتنا.
وحين نتساءل؛ فنحن نتحرر من طغيان الإجابة إلى سلام السؤال.
وحين يرشقنا أحدهم بسهم الجدال المذموم ؛ فنحن نعرض عنه؛ شفقةً بعقولنا، ورحمةً بقلبه الذي لم يسمح للنور أن يزيل عتمته.
نُعرض عنهم وأكفُّ الضراعة مرفوعةً لهم بالخير العميم والتقدير العظيم.
فإذا كان الجِدَال هو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، فهو قد يكون بحق، وقد يكون بباطل، فإذا كان الجِدَال بقصد الوقوف على الحق وتقريره كان محموداً، وإنْ كان في مدافعة الحق، أو كان جدالاً بغير علم كان مذموماً.
ويظل الجِدَال محتفظاً بذات السمة حتى وإنْ تغير زمانه ومكانه وموضوعه.
ففي عصرنا الحاضر نلحظ أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تَعجُّ بكمٍ وافر من الجِدَال الذي غالباً ما يُفضي إلى الشقاق وإذكاء العداوة، ويؤدي إلى التطاول والتراشق بالألسنة.
ولعل وعي المرء يجعله يتنبه إلى فداحة هذا الأمر وخطورته، ويستحضر قول الأوزاعي:
“إذا أراد الله بقومٍ شراً ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل”.
إن وجهات النظر المتعلق بها صاحبها بقوة ما هي إلا إشارة إلى حدود مقيدة، ووعي ضئيل،  وأفقٍ ضيّق.
فالشخص المرن هو الذي يمكن أن يرى الوضع من جميع الزوايا.
إنَّ كونك تمتلك القدرة على رؤية ما وراء معتقداتك الشخصية ووجهات نظرك، هي خطوة حيوية وفعّالة في المضي قُدماً نحو التشارك وفتُّح العقل لوجهات نظر أخرى محتملة في سبيل التشارك لا التعارك.
وبهذه اليقظة الذهنية تصل إلى أنْ يصبح موقفك يسير وفق منهجية:
“أنا أعتقد أنني على حق، ولكن هذا لا يعني أنني أرى الصورة كاملة”.

سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

6 تعليق على “قروبات الواتساب.. تشاركٌ وتعارك!

مايسة كنيد

👍🏻👍🏻👍🏻راائع

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

و على منهجية الإمام الشافعي – فيما أحسب – حين قال : رأيي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب .
و طبعا هذا فيما فيه مجال لاجتهاد العلماء المحققين في أمور الدين و أما من عداهم من العوام و إن كانوا من حملة الدكتوراة فلا حق لهم بل باطل و جريمة كبرى أن يدلوا بآرائهم فيما لا فقه لهم فيه .
و عموما المراء أو الجدال العقيم لا يأتي بخير و لذلك تكفل نبينا صلى الله عليه و اله و سلم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا .
و الله أعلى و أعلم و هو سبحانه الموفق لكل خير .

ابو ملاك

رائعه من روائع ابو عمر
تشارك وتعارك
نعم عنوان جميل لمقاله اجمل
فالنقاش غالبا يتحول لعراك وذلك حينما يكون كل طرف يريد أن يكون هو آخر المتحدثين ويريد إنتصارا لذاته وليس لموضوع النقاش ولكن أصحاب العقول
يعتبر ان مشاركتك هي إضافه لرؤيتك والنظر للموضوع من زاويه أخرى
سلمت يداك ابا عمر

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

و قولك من “و حين يرشقنا .. إلى و التقدير العظيم” أعتبره أخي الفاضل دستور رائع في التعامل مع محبي الجدل لذاته و للظهور و الانتصار للنفس بحق أو باطل .
نسأل الله السلامة و العافية .

أ.نويفعة الصحفي

بداية لعلنا نستحضر جيداً عندما نتحدث مع الأخرين ونبدي رأينا أننا بشر ، والبشر معرضون للخطأ ، وبالتالي ليست كل أفكارنا صحيحة ، وليس كل معتقداتنا في محلها ، وليست أفعالنا منزهة عن الخطأ ولكل منا آراؤه التي قد يجانبها الصواب ، لهذا علينا ان نقر ونعترف بأخطائنا ونقص معرفتنا ، ونتقبّل الرأي الآخر والنصح والتوجيه النصح خاصة من الثقات لدينا وممن تهمهم مصلحتنا ، فلا داعيَ للتمسك برأينا والجدال والمراء الزائد حوله والإصرار على الأخذ به .ونحن نعلم أن النفس امارة بالسوء ولهذا نحتاج من وقت لآخر إلى من يواجهنا ويصحح أخطائنا .
ان تقبل الراي الأخر رقي فكر وثقافة ورقي اخلاق وانسانية .ولعل لنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم مثال يحتذى
فثقافة أدب الاختلاف واضحة في سيرته صلى الله عليه وسلم فقد كان يؤمن بثقافة الاختلاف ، والتي هي مناقضة لثقافة الخلاف ، حيث كان يشاور أصحابه، ونساءه، ويستشيرهم، ويأخذ بآرائهم ومقترحاتهم فلماذا لا نتبع سيرته فنحترم رأي الآخرين ، ونتحاور معهم حوارا حضاريا إيجابيا يهدف لصالح المجتمع وتماسكه، بعيدا عن التعصب والاستبداد بالرأي والجدال العقيم الذي قد يفضي للشقاق .
تحية شكر وتقدير لكاتبنا المبدع في حروفه وفكره .

حنان حجار

الجدل أو مايسمى بالبلدي ” الملاوعة” هو نوع من تعزيز نقاط الضعف للشخص ، اثبات للذات ، لنقص ما قد تكون علمية أو اجتماعية .وغير ذلك من اسباب .
كلها اسباب تدعو للإستمرار بالجدل والذي في النهاية لايصل به الطرفان إلا لمحاولة كل منهما الإنتصار برأيه .. وقد وعد رسول الله عليه الصلاة والسلام ” ببيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال وهو محق” فأي منحة هي تلك التي تترك في سبيل اثبات رأي ..فهل من عاقل؟ مقال جميل وواعي أ. سليمان يفسر واقع للأسف بات ظاهرة في مجتمعاتنا سواء كانت من خلال التقنية أو في كافة المجتمعات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *