حين نتحاور؛ فنحن نغرفُ من عقولنا.
وحين نتناقشُ؛ فنحن نسمح للضوء أن يلج ويخالط معارفنا وخبراتنا.
وحين نتساءل؛ فنحن نتحرر من طغيان الإجابة إلى سلام السؤال.
وحين يرشقنا أحدهم بسهم الجدال المذموم ؛ فنحن نعرض عنه؛ شفقةً بعقولنا، ورحمةً بقلبه الذي لم يسمح للنور أن يزيل عتمته.
نُعرض عنهم وأكفُّ الضراعة مرفوعةً لهم بالخير العميم والتقدير العظيم.
فإذا كان الجِدَال هو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، فهو قد يكون بحق، وقد يكون بباطل، فإذا كان الجِدَال بقصد الوقوف على الحق وتقريره كان محموداً، وإنْ كان في مدافعة الحق، أو كان جدالاً بغير علم كان مذموماً.
ويظل الجِدَال محتفظاً بذات السمة حتى وإنْ تغير زمانه ومكانه وموضوعه.
ففي عصرنا الحاضر نلحظ أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تَعجُّ بكمٍ وافر من الجِدَال الذي غالباً ما يُفضي إلى الشقاق وإذكاء العداوة، ويؤدي إلى التطاول والتراشق بالألسنة.
ولعل وعي المرء يجعله يتنبه إلى فداحة هذا الأمر وخطورته، ويستحضر قول الأوزاعي:
“إذا أراد الله بقومٍ شراً ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل”.
إن وجهات النظر المتعلق بها صاحبها بقوة ما هي إلا إشارة إلى حدود مقيدة، ووعي ضئيل، وأفقٍ ضيّق.
فالشخص المرن هو الذي يمكن أن يرى الوضع من جميع الزوايا.
إنَّ كونك تمتلك القدرة على رؤية ما وراء معتقداتك الشخصية ووجهات نظرك، هي خطوة حيوية وفعّالة في المضي قُدماً نحو التشارك وفتُّح العقل لوجهات نظر أخرى محتملة في سبيل التشارك لا التعارك.
وبهذه اليقظة الذهنية تصل إلى أنْ يصبح موقفك يسير وفق منهجية:
“أنا أعتقد أنني على حق، ولكن هذا لا يعني أنني أرى الصورة كاملة”.
سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي