المعاهدة الثلاثية

الذهنية الإنسانية غالباً تسكنها ذاكرةً تغذّتْ على الاختلاف لا الخلاف، وهذا قولٌ يحتاج إلى كثير من المدارسة والمراجعة.
بل أنَّ الخلاف يقع حاله حال الاختلاف.

•••••••••••••••

أما صاحب الذهنية التي تعوُّدتْ على التشرُّب دون تمحيصٍ؛ فتغدو كأسفنجةٍ مُتشربةٍ لمقولاتٍ ترددتْ على ألسنة المتكلمين وعلى صفحات المتحدثين؛ فتختفي أصالة فكره ونجابة عقله.

•••••••••••••••

فعلى المرء أن يوطن نفسه على التفكّر والتأمّل، وأنْ يهذّبَ عقله على أنْ يُمحّص ما يقرأ، وألَّا  يُسلّم عقله لكل ما يقرأ.

•••••••••••••••

وهو بهذه المنهجية يصل -بإذن الله تعالى- إلى إنتاجٍ ذاتي من المعرفة؛ فيصبح مُلهِماً غيره ومُمَكِناً لمن حوله من قدراتهم ومواهبهم.

•••••••••••••••

إِننا إنْ أردنا خيراً بأنفسنا تعاهدناها بثلاثة أمور:
التأمّل، والتفكُّر، والتّدبُّر.
فالتأمُّل يمنح صاحبه تدقيق النظر في الأشياء والأحداث والحياة وأحوال الناس بغرض الاتعاظ والتذكُّر.
والتفكُّر وهو جولان الفكر ومداومة تردد القلب في أمرٍ بعينه، ولا يحصل إِلَّا  بما يتوفر من صورةٍ متخيلةٍ في القلب أو العقل يدور حولها ذلك التفكُّر.
أما التدبُّر فيعطي صاحبه ميزة النظر في عواقب الأمور وخواتيم مآلاتها.

•••••••••••••••

إننا حين نشرع في هذا التعاهد وتوثيق عراه بمنهاجٍ رباني، وتأصيل محتواه بنور آياتٍ قرآنية وهدي نبوي؛ نكون قد بلغنا شأناً عظيماً من تلك المدارسة والمراجعة لكثير من البرمجيات العقلية التي تُعيق الذهن من المضي قدماً نحو النمو، بل أنَّ تلك المدارسة تَسُوُق البرمجيات إلى طاولة التفكير الناقد؛ لتشريحها وتفنيد ما تحمله داخل خلاياها.

•••••••••••••••

إننا إنْ شرعنا في فتح نوافذ هذه الثلاثية لن نكون بحاجة إلى الركون إلى زوايا الإيديولوجيا الضيقة، بل أنها ستهبنا شجاعة الانفتاح على كافة العقول والأقوال الموافقه والمخالفة؛ مما يُمكننا من الإبحار والتوغل عميقاً في أقاصي الفكر الإنساني.

•••••••••••••••

إنَّ إعمال العقل على ممارسة ثلاثية التعاهد تهدي صاحبها إلى معرفة خالقه سبحانه معرفةً سابرة، وترشده بصيرةً بأحوال نفسه، وتهبه حكمةً في نظرته للناس والحياة والكون.

•••••••••••••••

سليمان مُسلِم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “المعاهدة الثلاثية

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

.. و أجمل و أعظم ما يتدبر كتاب الله تعالى حيث قال جل شأنه : (( أفلا يتدبرون القرآن )) ؛ و قد صحبناه في رمضان فاللهم لا تحرمنا صحبته بقية العام .

أحمدبن مهنا

الكاتب القدير أهيب بك أن تخط اللحظة في مقدمة ذاكرتك بمداد العزم ، تأليف كتاب بعنوان ( تعاهد نفسك بثلاثة أمور ). كما أود أن أقول مؤكدا على ماجاء في المقالة: أن الذين ينطلقون متفكرين متدبرين واقعا أو معرفة ثابتة موروثة كانت أم مبتكرة مؤصلة أولئك هم الذين يجنون المعرفة التي تبنيهم في مصاف الشامخين ، وإلا فكثيرٌ من يجهد نفسه ويظن فيها … ويحسبون أنهم على شيء … (تحياتي إليك مع الإعجاب بما كتبت)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *