عندما يعود مواليد جيل السبعينات والثمانينات الهجرية في القرن الماضي إلى ذاكرتهم وماتحمله من جمال لطبيعة خليص الخلابة التي حباها الله من خيرات فهي سلة غذاء لمدينة مكة المكرمة ومحافظة جدة تغذيها بمنتجاتها الزراعية كل يوم حيث الجودة وسلامة المنتج ، فالمزارع متصلة بعضها ببعض يعمل بها أهالي المنطقة ، ينظُر إليها كأنها حدائق ، المياه متوفرة، والأرض خصبة ، وممَّا تتمتع به من إنتاج الحمضيات والخضار بأنواعه جلبت كثيراً من تجار مدينة جدة للإستثمار الزراعي بها ، كما أُنشئ بها مصنع ألبان يعد من أوائل المصانع بالمملكة وجمعيه تعاونية تعد من أوائل الجمعيات التعاونية ، وهذا تزامن مع وفرة كميات الأمطار التي تهطل سنويا عليها وبها عيون تجري يعرفها كبار السن بخليص ..
ومع تضاؤل وتناقص كمية الأمطار وحفر آبار للعين العزيزية وسحب نصف كمية المياه منها إلى مدينة جدة بدأت تتأثر الزراعة بها ، ولكن بشكل تدريجي مع قلة مياه الآبار بدأت المعاناة ولكن بمجرد جريان الوادي يستبشر المزارعون وتعود الزراعة لما كانت عليه وهنا نقصد الزراعة الموسمية ، وبدأ الناس هنا يتناقلون أخبار السد وهم متفائلون به، وفي محرم ١٤٢٦ هجري بدأ العمل ولمدة ست سنوات تقريبا وهم يتابعون ويتسائلون أين بوابات هذا السد التي تسمح للمياه بالمرور منها ، وكانت الإجابة أن هذه الأنواع لها نظام يختلف عن السدود الأخرى حتى المياه الجوفية لا يسمح بنفاذها ، علما بأن ارتفاعه عن سطح الأرض مايقارب ستون متراً ، وأربعون مترا تحت الأرض ، وتم الإنتهاء منه ومع قلة الأمطار لم تنفذ منه قطرة ماء ..
أما ما يتعلق بالمزارع وأشجار النخيل والليمون أصبحت أثراً بعد عين ، هُجرت المزارع إلا القليل منها ..
إلى هنا ونحن لنا أمل في الله سبحانه وتعالى أن تعود المياه إلى مجاريها ، وأن توجد الحلول للإستفادة مما تجمع في هذا السد من مياه للمزارعين قبل نفاذها وتبخر كمية كبيرة منها ..
وهنا يتبادر سؤال ، هل يمكن توصيل شبكات مياه للمزارع والإستفادة منها مع وجود التقنية الحديثة ومشاريع البيوت المحمية لنعيد شيء من ماضي خليص الجميل ، حتى ولو كانت بمقابل رمزي مشجع للمزارعين مع مساعدتهم و توجيههم لما يساعدهم في نجاحهم ونكون هنا قد ساهمنا بتنمية المحافظة وعودتها إلى سابق عهدها منتجة محاصيل زراعية، عسى أن يكون هذا قريبا ونراه متحققاً ملموساً على أرض الواقع .. دعوني أحلم.
عبدالعالي طاهر الطياري
مقالات سابقة للكاتب