أَوتار سلمى

سَلْمَى امْرَأَةِ وَقَفَتْ عَلَى أعتاب التِّسْعِين التَّفَتُّت خَلْفَهَا تَتَأَمَّل مَا مَضَى مِنْ أَيَّامِ و سِنِين وُجِدَتْ فِي طياتها طِفْلِه بَلَغَت الْعِشْرِين وَهِيَ مَا تُزَالُ فِي الْخَمْسِ سِنِينَ مُعَادَلَة أرقامها لَيْسَت الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ بَل أرقامها أَلَم و حُنَيْن الْمَهَا عِنْدَمَا انزوت بَعِيدٌ عَنْ أَهْلِهَا تُخْفِي مَا فَعَلَتْهُ خَوْفًا مِنْ الْعِقَابِ لَم تتجرأ أَنْ تَحْكِيَ لَهُم عن خَطَأَهَا أَوْ بِالْأَصَحِّ مَا قَامَتْ بِهِ فَهِيَ لَا تُعْلَمُ أَنَّ كَانَ خَطَأً أَوْ صَواب لَكِن الْخَوْف تَمَلُّكَهَا فنست أَو تناست ما فعلته وَمَشَت فِي دربها.

تحطم قَلْب طفولتها لَا بِمِعْوَل بَل بـ “هَل تظنين إِنَّك طِفْلِة “؟ وَأنَّك حُرَّةٌ وَبِنْت جارتنا مَهْرَة.. أنت نَكِرَةٌ . . . ! ؟ ذَاك الْأَلَم قُتِل طِفْلِة اسْمُهَا سَلْمَى لَيْسَ لَهَا لَعِبُة.

أغمضت سَلْمَى عَيْنَيهَا وَنَظَرْت يمناها يسراها  لَتَمُر السِّنِين و ترتدي ثَوْبُ العَرُوسِ وَقَلْبِهَا كَأَنَّه بَلْبَل فَرَّ مِنْ الَفَص لِلْحُرِّيَّة مُنْدَفِعٌ بِلا تَفْكيرٍ هَمِّهِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ هَذَا الْمَصِير وَيَا لَيْتَه لَمْ يَفِرَّ . !

فَلَقَد وَقَعَ فِي يَدِ مَارِد و إي مارد مارد الْمِصْبَاح ومحول الأَحْزَان للأفراح . . . بَوَّق يَنْعِق به أَشْبَه الرِّجَال . . . !

هِي بَلْبَل يُرِيدُ أَنْ يصدح و هُو غُرَاب يُرِيدُ أَنْ يَنْعَقَ اتَّفَق الْغُرَاب مَع البُلْبُل أَنْ يَتْرُكَهُ يصدح وَفِي الْمُقَابِل يُعْطِيَهُ مِنْ وسامته شيء و مِن أَوْتَارُه شيء آخَرَ لَمْ يَعْلَمْ البُلْبُل أَنَّه الْخَاسِر وَالْغُرَاب هُو الفَائِز لَكِن نغماته الْفَرِيدَة شُدَّت مِن عَزِيمَتُه و مُدَّت يَدِهَا لتنشله مِن الْفَنَاء.

وَتَمْضِي بِه لِعَالِم الْبَلَابِل وَهُنَاك كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يصدح تَأَلَّمَت حَنْجَرَتِه فَهِي بِلَا أَوْتَار فَحَزِن و اِحْتار وَفِي ظِلِّ يَأْسُه عَلَتْ أَصْوَاتُ الْبَلَابِل تَحْلِق حَوْلَه وتتراقص وَكَأَنَّهَا تَقُول أوتارنا أوتارك و وسامتنا وسامتك وَفِي نَشْؤُه السَّعَادَة أَدْرَك البُلْبُل أَنّهُ حَلَقَ بَعِيدٌ عَنْ قَبْضِة الْغُرَاب وَلَيْسَ هُنَاكَ طَرِيقٌ إِياب فَكَيْف يَعُود وَلَقَد فَاز بِالْخُلُود . ذَاك البُلْبُل اسْمُه سَلْمَى فرغم أَنَّهَا عَلَى أعتاب التِّسْعِين إلَّا أَنْ قَلْبُهَا ما زال في الْعِشْرِينَ.

فاطمة بنت عبد الحميد المغربي

تعليق واحد على “أَوتار سلمى

ابو خالد

تلوح في سمائنا دوماً نجوم برّاقة، لا يخفت بريقها عنّا لحظةً واحدةً، نترقّب إضاءتها بقلوب ولهانة، ونسعد بلمعانها في سمائنا كلّ ساعة فاستحقت وبكلّ فخر أن يُرفع اسمها في عليانا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *