أخي القارئ الكريم إعلم – يحفظك الله – أن الخطأ طبيعة بشرية ، وفطرة إنسانية يدل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطَّاءٌ ، وخير الخطائين التوابون) ، [رواه الترمذي] ، ولكن ليس كل خطأ يقابل بنقد لاذع ، إلا إذا كان تعديًا على شرع الله عز وجل ، ويجب وضع هذا جيدًا في الإعتبار عند تناول الأفراد بالنقد والتجريح.
فمن النقاد – هداهم الله وألهمهم الصواب – لا يذكرون فضائل أحد ولا حسناته ، بل كل همهم جمع المثالب وترك المناقب.
قال الشعبي: “لو أصبتُ تسعًا وتسعين ، وأخطأت واحدة ، لأخذوا الواحدة ، وتركوا التسع والتسعين“ ، [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم].
وقد كثر دعاة هذا النوع من النقد في هذه الأيام للأسف ، حتى صار مَن لا يحسن الكتابة – بل لا يجيد الإملاء – يطعن في كرام العلماء ، وينتقد الكتَّاب والأدباء ، ويحمل على المصلحين الشرفاء.
النقد البناء هو البناء لا الهدم .
الناقد صادق النية يتجه نقده إلى العمل كيف يطوره ويرتقي به إلى الأحسن دون أن يدمره ، فلا يكون هدفه إسقاط الآخرين أو إبراز ذاته من خلال نقده ، واعلم أنه من السهل جداً إنتقاد الآخرين واكتشاف الأخطاء وإبرازها ، ولكن من الصعب بمكان إكمال البناء وإتمام النقص وسد الثغرات.
إذا كان النقد يسبب فتنة أو يحدث منكراً أعظم من السكوت عليه فالتزام الصمت وترك النقد هو الأولى ، لأنه ليس من الحكمة أن تنتقد كل ما يحدث ويطرأ ، والناس لو سكتوا عن أشياء كثيرة وتغاضوا عن قضايا سلبية لماتت في مهدها ولما حدث لها إنتشار.
الناقد الصادق لو رأى أن ينقد فكرة ما أن يطلب من الآخرين مشاركته بخلاف ما يرى ، فلعله خفيت عليه أشياء يعلمها الآخرون ، فربما يكون الصواب مع الآخرين والخطأ معه.
الناقد حسن النية لا يتعسف في عباراته ويغلظ في أقواله ، ويصدر أحكامه جزافا بلا دليل . . فالرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ، فينتقي أعذب الألفاظ وأحسنها دون الدخول في نيات الناس ومقاصدهم ، فلا يعلم بالنيات والمقاصد إلا رب الناس .
وبعد : أخي القارئ الكريم ، هذه بعض قواعد وأصول النقد البناء جمعتها لك من بعض مواقع من كتب في هذا الموضوع جمعتها وأنا على يقين أنك ستستفيد منها.
القاعدة الأولى : أهلية الناقد ..
فقال – سبحانه -: ﴿ ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾ [آل عمران: 66]. وهذا يقتضي من الناقد توثيق نقده وإلا كلامه حجة عليه لا له ، وبالأخص في المسائل التي يترتَّب عليها حُكم، أو تخالف منهج المنتقد وأقواله.
القاعدة الثانية : الناقد ينشد الحقيقة ..
رأس أدب النقد تلمُّس الحق ، والسعي للوصول إليه ، والحرص على الالتزام به ، فالعاقل الصادق: طالب حق ، باحث عن الحقيقة ، ينشد الصواب ، ويتجنب الخطأ.
القاعدة الثالثة : الإبتعاد عن التعميم ..
لا بدّ للنّقد من أن يكون بعيداً عن أسلوب التعميم ، وأن يفترض إبراز النواحي الإيجابيّة والتركيز على نقاط الضّعف ، والإشارة إليها بما يستوجب تصويبها.
القاعدة الرابعة : ألاّ يكون النقد للهجوم ..
عند ذكر الخطأ لابد أن يصحح وألا يكون النقد للهجوم فقط ، إنما النقد البناء لبيان الخطأ والبحث عن حل لهذا الخطأ وتقويمه.
القاعدة الخامسة : إذا كان الناقد أقل سنا من المخطئ ، فلابد أن يأتي بعبارات التوقير والإحترام التي تلطف الأجواء مثل “لم يوافقه الصواب“ ، “ لعله لم يقف على الحقيقة كاملة“ ، “هذا الكلام يحتاج إلى نظر وتأمل“
قلت : خير من ذلك كله ( قل خيرا أو أصمت).
هذا وصلى الله على نبينا محمد.
أخوكم : نافع بن ثابت الصحفي
مقالات سابقة للكاتب