شرنقة

على صخرة واد جلست ومع كل نسمة تلامس خدها آه تخرج من جوفها، ألتف إليها قائلا: أتنهيدة توجع أم تنهيدة وصب أصاب كاهلك؟!

ابتسمت مردفه: وهل هناك وصب دون توجع! لقد عرف الإنسان الألم لحظة ملامسة جسده اللطيف أرض الحياة فصرخ صرخة الفاجعة!

_ دعك من هذا، وقولي ما الذي ألمّ بدواخلك ؟

تأملته متعمقة هل يستطيع أن يفهم ألمها أو أن يكون دواء لجرحها؟ استبعدت ذاك لكنها قالت: عجلة الحياة تسير بنا فتارة تعلو و تارة تخفض وحينا تسرع و حينا تبطئ ، الأهم من هذا و ذلك أن الفرح يمضي ولا يبقى منه سوى لحظة عابرة ، و أما الحزن فيعتصر الفؤاد كلما طافت بنا ذكراه يرتدي كل حين لون من ألوان الألم ، كأفاعي الوادي تخلع جلدها وتجدده لكن سمها ثابت قاتل …
– يبدو أن الحياة مولعة بآلامك !.
– أخطأت في ذلك ، فلم أشتكي من قدري ،لكنني أشتكي البشر، … أنصت إلي : أتعلم أنني كنت في شرنقة أعد ألوان أجنحتي الزاهية لأحلق باهية بين أترابي الفراشات لم أكن أعلم أن أجنحتي ستصطدم بصخرة و نبة شائكة وقطرة مطر تهوي بي للهاوية والداهية الفاقرة
وترٌ شدّ وسهم سدد فأصاب الوتين .

ثم أخذت تنهيدة طويلة قائلة : ما أقصاك يا وتر حينما شددت قوسك ورميت سندي فأصبت مقتلي
أنا لا ألومنك لكنها آهة المجروح خرجت من بين جوانبه كنفخة التنين أحرقت الشجر ثم لم يندم.

يا وتر هل علمك القوس يوما ما معنى الحياة؟

ومعنى أن تمضي تسطر في دنياك أمل ينبت زهرا ويغرس شجرا؟ فلو تعرف معنى الحياة لما تلاحمت مع القوس وجعلت السهم ينفذ من خلالك ليقتل حيا حمل أملا .

سأعود يا وتر كما عهدتني أذيب حملي في غيابات الجب فلا الماء يتعكر به ولا الدلو يحمله ولا الشارب يذوقه ،
وستمضي الحياة كما كانت وكنت كفراشة خرجت من شرنقتها في يوم مولدها .. أطير في الجبال .. والسهول والتلال محطاتي .. و ورد البستان تلامسني يد التحنان.

فاطمة بنت عبد الحميد

2 تعليق على “شرنقة

a

الله هالله يا ماما،جمااال 🤍🤍🤍🤍🤍🫀

ابوخالد

ماشاء الله تبارك الرحمن ، دائمًا مبدعة ومتميزة ،،،
سأعود يا وتر كما عهدتني….
بالتوفيق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *