قد يكون هناك ثمة انكسار قلب وتخلّي قد لا نتعافى منه. بمعنى أننا لن نعود كما كنا من قبل، حتى إذا خدعنا أنفسنا بتغطية مكان الألم الذي مررنا به.
••••••••••••••••
وسيظل ذلك الألم يعاودنا بين الحين والآخر، وسيُطلُّ بوجهه الكريه علينا ليقض مضجعنا ويفجع صغار أحلامنا.
وكل ما في وسعنا أن نعي جيداً أنه بدلاً من تلك المحاولات لإصلاح ما كان، ألَّا تكسر الأيام القادمة شيئاً جديداً فينا.
••••••••••••••••
بل يمكننا الذهاب أكثر من ذلك.
أعني إلى خلق الانفتاح على الحياة من جديد مزودين بدرس ما مضى لنا، وعيْش اللحظة الراهنة بحضور ذهني متقد.
هذا الذهاب يمنحنا إداركاً مفاده بأنه لا يجب أن نستنزف طاقتنا في إصلاح ما كُسِر، بل المضي قُدماً في إيجاد الحب والجمال في الحياة.
••••••••••••••••
فما مضى من حياتنا ليس بحاجة إلى إصلاح بقدر حاجتنا إلى تصالح معه.
إنك بهذا الإدراك تمنع نفسك من التلاشي والذوبان في تلك الأخاديد الماضوية، وتتمكن من إعادة صياغة نفسك من جديد من الداخل عبر ممرات وجدانية وصولاً إلى واقع ملموس في تفكيرك وسلوكك.
••••••••••••••••
إننا بهذا الفهم الواعي لحياتنا سنقوم بعملية مصالحة ذهنية مع الجزء المكسور والمفقود في الحياة من علاقة، فقدان عزيز، خيبة أمل، جرح أليم، فوات فرص حياتية.
••••••••••••••••
ففي الحياة متسع من كل شيء، فما نفقده ونظن أنه لن يعوض؛ يمنحنا اللطيف الخبير رحمةً مهداة دون علمٍ منا.
ففي الفقد متسع من الحصول، وفي الألم متسع من الأمل، وفي البعد متسع من القرب، وفي الإدبار متسع من الإقبال، وفي النفور متسع من القبول، وفي الكُره متسع من الحُبِّ، وفي التخلّي متسع من الرغبة، وفي العطاء متسع من الأخذ، حتى في الموت متسع من الحياة.
سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي