الركون إلى النفس مهلكة

غرد أحد الإعلاميين الفضلاء بعبارة ( وهم الشهرة)…

‏‎‎نعم والله أنه وهم الشهرة وأي وهم فعلى المرء أن يكون على بينة من ربه، ثم من نفسه والركون إلى النفس مهلكة وكما قال فضيلة الشيخ على الطنطاوي رحمه الله (الشجرة المثمرة تتدلى إلى الارض والشجرة التي لا ثمر فيها تأخذ عالية لأنها فارغة ).

 أو كما قال رحمه الله ،والغرور مقبرة النجاح نعم الشجرة المثمرة تنحني للناس كي يستفيدوا من ثمارها وظلها والشجرة الفارغة من الثمار تجدها رافعة اغصانها علوًا فلا يستفيد أحد من ثمرها ولا ظلها فحري بها أن تقطع وترمى بعيداً لكي لا تؤذي الناس ولو علم هذا المغرور بشهرته أن الامر ليس بيده وأنه ليس بقدرته ولا بعلمه ولا بعمله وصل إلى ما وصل إليه وأن هذا كله عطايا خالقه والمنعم عليه لما تطاول وسار بين الناس رافعاً عُرفه كالديك اختيالاً وكما قال الشاعر عن الشخص المغرور…

وَفيكَ اِعتِزازٌ لَيسَ لِلديكِ مِثلَهُ …   وَلَستَ بِذي ريشٍ تَضاعَفَ كَالزَغَف

وَلا لَكَ صَوتٌ مِثلَهُ يَصدَعُ الدُجى … وَتَهتِفُ فيهِ الذِكرَياتُ إِذا هَتَف

نعم الشهرة من عطاء الله ولولا الناس الذين رفعوا هذا الذي يزعم أنه مشهور بقدرة الباري لما كان له مكان في أوساط الناس وفي لحظة وهو في غفلته وغروره سادراً بقدرة قادر يعود لا شيء كأن لم يكن فليتفطن الإنسان إلى هذا الأمر ويرد كل علم أو عمل اشتهر به إلى المنعم والذي ينسب إلى نفسه ما ليس قادراً عليه ولم يؤتها من عند نفسه.

وهذا العمل منقصة في العقل والرأي والحكمة أيها المزدهي أنت لم تصنع نفسك ولم ترفع ذاتك إنما كل هذا عطاء ونعمة من عند خالقك وإياك ثم إياك أن تتخذ قارون ومبدأه مثلاً لك حين قال ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عِندِي) فانتبه واحذر أن يُرديك هوى النفس فللنفس أهواء ومطامع وهي كما يعلم كل ذي لب وعقل حصيف واعٍ  أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي…

وحقاً لقد رأينا وسمعنا من بعض المشاهير من يتمنى المرء أنه لم يظهر ولم يشتهر من شدة ما يراه من سقطاته وتطاوله على القيم والاخلاق والمبادئ والمُثل واستغلال الشهرة في الباطل  وكما في المثل فـ ( الجاهل عدو نفسه) وهل هناك أشد جهلاً من شخص انعم الله عليه بالظهور ثم يستعمل هذا الظهور في الهزل والهراء والكذب والاستعلاء على الناس والغرور والسير بين الناس في تيه وخيلاء كأنه هو المنعم المتفضل..

وصدق الشاعر :-

يا مظهرَ الكبرِ إعجابًا بصورتِه                  انظرْ خلاك فإنَّ النتنَ تثريبُ

لو فكَّرَ الناسُ فيما في بطونِهمُ             ما استشعرَ الكبرَ شبانٌ ولا شيبُ

يا ابنَ الترابِ ومأكولَ الترابِ غدًا            أقصرْ فإنَّك مأكولٌ ومشروبُ

والشهرة سلاح ذو حدين أما أن ترفع صاحبها إلى مدارج الأفلاك إن احسن واستعان بالله وطلب منه العون والتوفيق أو تهبط به إلى مسابح الأسماك إذا رفع عقيرته ومشى بين الناس بالتيه والخيلاء والغرور والتعالي فلينظر الإنسان العاقل الفطن الاريب أي الطريقين أنفع له في دنياه ودينه وآخرته ومعاده والأمر جد بسيط ويحتاج فقط الى الالتجاء الى القوي العزيز الذي بيده مقاليد السموات والارض وبيده قلوب العباد وانفسهم يقلبها كيف يشاء سبحانه جل في علاه.

 

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *