نهران من الحب والحزن!

التعاطف هو الاستعداد لأن تكون في فضاء المعاناة وتجلب حبك إليها.
تشعر بجرح شخص آخر كما تشعر بجرحك، أو حتى بجرح العالم، وتظهره بالحب فحسب؛ لأن هذا هو كل ما تستطيع فعله.

••••••••••••••••

إن التعاطف هو ذوبان الانفصال.
إنه تجاوز “الأنا” والاستسلام إلى “نحن”.
إنه اندماج في قلب العالم المشترك.
إنه استعداد لأن تضم الآخرين، بل والعالم في قلبك بحب.
التعاطف يتخطى الصواب والخطأ؛ فمن الصعب أن تصدر حكماً على شخص وتحبه كلياً في الوقت ذاته.

••••••••••••••••

يعمينا افتقار التعاطف نحو الآخرين عن الحقيقة الأكبر، ويلزمنا بالصلابة وإصدار الأحكام.
فتعمل إسقاطاتك على الناس على تجميدهم في صورة معينة في وعيك؛ إذ لا تراهم دون التعاطف متعددي الأبعاد، بل تشعر فقط أنهم يحييون آمالك، أو يتسببون في إيذائك، أو أنهم لا يقابلون توقعاتك، أو يحبطونك.
لأنك أنت غاضب عليهم على المستوى العاطفي.

••••••••••••••••

وكل ما عليك أن تتعلّم كيفية احتواء معاناة شخص ما بحب وتعاطف، وأن تتخلى عن إسقاط الأخطاء عليه.
فمن البديهي ألَّا  يتواجد اهتزاز الحب واهتزاز الخطأ في تناغم معاً.

••••••••••••••••

لا تنس أنه في استطاعتك أن تمنح نفسك إذناً كي تشعر بالتعاطف، وإذناً كي تشعر بغضبك، خيبة أملك وحزنك في الوقت نفسه.
أن تكون متعاطفاً مع الآخرين يعني أن تتذكر دائماً أن المعاناة، الفشل، وعدم الكمال هي جزء من هذه التجربة الإنسانية المشتركة.
فمرة بعد مرة نتعلم أن نجد التعاطف من أجل إنسانيتنا وإنسانية الآخرين حتى في تلك اللحظات التي يبدو فيها من غير الممكن إيجاد أي دليل على الجانب الإنساني الذي يشبع نهم أرواحنا.

••••••••••••••••

يُعدُّ التعاطف علامة كبيرة على النضج الروحي والعاطفي فمن خلاله نصل إلى مكانٍ يتجاوز المساعدة، والإصلاح، والمعالجة وإصدار الأحكام.
حينها نجد أننا وصلنا إلى مجال غير منتهٍ من الحب يتعدى أي فعل، ويتجاوز أي إنجاز.
نستمد من هذا الحب، صفاتنا من الحب الأسمى؛ من أجل أن نحتضن إنسانيتنا وإنسانية الآخرين.

••••••••••••••••

فكلما تمددت وتطورت روحياً؛ سوف تبدأ في الحصول على تجربة أنك عندما تشعر بالألم، فأنت لا تشعر فقط بألمك، بل تكون قد دخلت بطريقة إلى محيط الألم.
حينها تشعر أنك لا تختبر حزن شخص واحد فقط، بل تختبر ذلك النهر المتدفق من الحزن الذي يمر خلالنا جميعاً بينما نحن نعيش في داخل تلك الأجساد البشرية.

••••••••••••••••

إنه عندما تسمح لنفسك أن تشعر بتلك الأمور، وتجلب إليها الحب؛ تكون في تلك اللحظة أيضاً تعمل على شفاء قليل من الحزن العالمي.
يمكنك أن تتذكر كيف أنك تؤثر على نحن بما أننا جميعاً متصلون اهتزازياً؛ فإن كل ما تقدمه إلى محيط الوعي الجمعي؛ يؤثر على كل شيء آخر وعلى تقوية محبة ذاتك.

••••••••••••••••

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *