باشرت محاكم التنفيذ في المملكة 75 ألف حكم تحكيم ومحضر صُلح، بإجمالي مبالغ وصل إلى 7.6 مليارات ريال، خلال الخمس سنوات الماضية.
وأكّدت وزارة العدل أن هذه الأرقام تعكس حجم الدعم الحكومي والتشريعي والقضائي الذي تحظى به الوسائل البديلة لتسوية النزاعات عبر استحداث وإصدار عدد من الأنظمة كنظام التنفيذ، والتحكيم الجديد، والمنافسات، إلى جانب حزمة من الأوامر السامية الداعمة للتحكيم والوساطة نظراً لدوره الكبير في انتعاش الحياة التجارية وتشجيع المستثمر المحلي والأجنبي على الدخول في استثمارات كبيرة وفي علاقات تجارية واسعة.
وأوضحت الوزارة أن إجمالي طلبات أحكام المحكّمين ومحاضر الصُلح التي باشرتها محاكم التنفيذ بلغت 75 ألف حكم ومحضر، بإجمالي مبالغ وصل إلى 7.6 مليارات ريال، موزعة على 25 ألف حكم تحكيم بقيمة 4.7 مليارات ريال، و50 ألف محضر صُلح بقيمة 2.9 مليار ريال، مؤكدة أن هذه الأرقام تعكس قوّة التنفيذ الفاعل في محاكم التنفيذ بالمملكة لأحكام التحكيم المحليّة الصادرة عن المركز السعودي للتحكيم التجاري وأحكام التحكيم الأجنبية.
كما كشفت وزارة العدل عن ارتفاع تنفيذ أحكام التحكيم خلال الخمس سنوات الماضية إلى أكثر من 860%، حيث بلغت الأحكام المنفذة في 1437هـ 930 حكماً، مقابل 8946 حكماً في العام الماضي 1441هـ، مؤكدة حرص الوزارة على تطوير الإجراءات لضمان سهولة وجودة الإجراءات المنظمة لنظر الطلبات المتعلقة بالتحكيم في المحاكم سواءً لأحكام التحكيم الأجنبية أو الوطنية المحلية.
وفي هذا الصدد أكّد وكيل وزارة العدل المساعد لشؤون المحاكم المشرف على مركز المصالحة فضيلة الشيخ سليمان بن عبدالكريم العليان أن الوزارة من خلال مبادراتها وخططها التطويرية سعت إلى تعزيز صناعة المصالحة والوساطة في المملكة وإشاعة ثقافة الصُلح في المجتمع من خلال نوافذها الإعلامية وبرامجها عبر وسائل التواصل، كما قامت بتطوير ورفع مستوى جودة إجراءات المصالحة من خلال تدشين مركز المصالحة، وأتمتة عملية الصُلح عن طريق منصة تراضي، وتوفير المصلحين المؤهلين والمتخصصين، مما أسهم بتسهيل استخدام وسيلة الوساطة والمصالحة كبديل مناسب لجميع فئات المجتمع.
وبيّن أن خيار اللجوء للمصالحة والوساطة يُعد من أكثر الخيارات فاعلية لحل النزاعات وإيصال الحقوق لأصحابها بتراضي جميع الأطراف مما يحقق العدالة الناجزة ويقلل من التكاليف والآثار الناتجة عن النزاع التي تحصل غالباً عند اللجوء إلى القضاء مع وجود الضمان القانوني لتنفيذ محضر الصُلح لكونه سنداً تنفيذياً قابلاً للتنفيذ لدى محاكم التنفيذ وغير قابل للاعتراض أو الطعن كما نصّت عليه الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من نظام التنفيذ.
وأوضح أن مركز المصالحة في وزارة العدل وضع على عاتقه الالتزام بمبادئ المصالحة كالمهنية والجودة والسرية والحيادية، مبيناً أن اختصاصات المركز تتوزّع بين عدة مسارات هي: الأحوال الشخصية، والتجاري، والجزائي، والحقوقي والمروري، وغيرها، ويمكن للمستفيد التقدم بطلب صلح من خلال منصّة تراضي taradhi.moj.gov.sa لتتم خدمته عن طريق الجلسات الحضورية أو الجلسات المرئية عن بُعد حسب نوعية القضية والآلية المناسبة لمداولة الصلح فيها، ليتم بعد ذلك إصدار وثيقة محضر الصلح واعتمادها إلكترونياً.
من جانبه أوضح الرئيس التنفيذي للمركز السعودي للتحكيم التجاري الدكتور حامد ميرة أن المركز السعودي للتحكيم التجاري -كونه الممثل الرسمي للمملكة في مجال التحكيم محلياً ودولياً- يقدم خدمات بدائل النزاعات المتمثلة في التحكيم المؤسسي والوساطة وفق أفضل المعايير المهنية العالمية باللغتين العربية والإنجليزية، ويلتزم بتقديم خدمات مهنية وشفافة وسريعة لبدائل تسوية المنازعات، مشيراً إلى دور المركز في رفع مستوى الوعي في هذا المجال وإيجاد بيئة آمنة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي.
وعدّ الدكتور ميرة التحكيم أحد أكثر الوسائل تفضيلاً لدى المستثمرين لتسوية المنازعات نظراً لما يتمتع به من قوّة نفاذ في أحكام التحكيم الصادرة منه، التي تعدّ أحكاماً نهائية غير قابلة للاستئناف، مبيناً أن التحكيم يتمتع أيضاً بالسرية والخصوصية بحكم طبيعة المنازعات التجارية التي تتطلب عدم إتاحة المعلومات الخاصة بالكيانات المتنازعة، وبالسرعة والمرونة، إلى جانب ما يتيحه التحكيم للأطراف المتنازعة من خيارات أوسع وحرية في التحكم في كثير من التفاصيل ذات العلاقة بتسوية المنازعات، فضلاً عن فاعلية تنفيذ أحكام التحكيم محلياً ودولياً.
وأكّد أن من أهم العناصر والمقومات الأساسية لضمان بيئة استثمار آمنة ومناخ مستقر في المعاملات التجارية يكمن في سرعة الفصل في المنازعات، لذلك اعتمدت الكثير من الدول الجاذبة للاستثمار التحكيم كضمانة إجرائية لتشجيع الاستثمارات الأجنبية، ومنها المملكة التي عززت من متانة المنظومة الاقتصادية في المملكة من خلال العمل على تطوير المنظومة العدلية وفي مقدمتها التحكيم، ومنها نظام الاستثمار الأجنبي في المملكة الذي اشتمل على الكثير من الأحكام التي تسهم في توفير البيئة الملائمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، كما أن نظام التحكيم الجديد يعدّ نقلة تشريعية نوعية فاعلة.