هناك شيء زيارته متاحة لجميع أفراد الأسرة ، في أي وقت ، أناء الليل أو أطراف النهار ، يكون بأحجام مختلفة ، ويأخذ ألواناً شتى ، أسعاره متباينة بين زهيد الثمن ومرتفع القيمة ، يفضل السكن في المناطق الحارة، وتقل الحاجة إليه في المناطق الباردة ، يحيا بالكهرباء ويموت بانقطاعها.
إنها ثلاجة حفظ الأطعمة والمشروبات ، والفواكه والخضروات، لا يخلو منها بيت ، ولا يستغني عنها أحد توجد في كل متجر متجر وكل سوبر ماركت عملاق ، من وسائل الترفيه في السفن ، وفي السيارات الفارهة، وأحدث الطائرات.
هذه الفوائد حقيقة لاينكرها أحد ولا يختلف عليها اثنان ، لكن الجديد المثير لتلك الآلة ، إنها ساهمت في بناء العلاقات بين أفراد الأسر ، فأتاحت سبل الحوار البناء المتبادل ، وشجعت على الاعتراف بالخطأ ، ودربت على فنيات الأعتذار ، وزرعت بين الأسرة الواحدة حرية طلب الأذن بدخول المنزل أو الخروج منه ، وفَعّلت إمكانية الانتظار ، وسنحت مجالات التلطف ، ورسخت مبادىء المرونة وآداب الاعتذار .
نعم إنها تستقبل بصدر رحب كل تلك الرسائل التي تترك على بابها ، ويتبادلها أفراد الأسرة ، دون تذمر أو عدم رضا ، ومن خلالها نقرأ ونمتع الأعين بأجمل وأروع روايات ، تحكي أجواء الأسر ويومياتهم ، وما يمر في حياتهم من مواقف ، ومشاعر ، وعلاقات ، وأحداث ، وتأملات .
هذا كله وأكثر جسدته رواية “حياة على الثلاجة” للكاتب أليس ويبرز ترجمة هدى فضل .
إنه عمل أدبي اجتماعي مختلف بمعنى الكلمة ؛ يستحق القراءة بجدية ، فقد يعيد هذا العمل التفكير في أنماط علاقاتنا الأسرية الاجتماعية ؛ لتبدو أنقى وأجمل وأحلى من ذي قبل.
عمر المصلحي
مقالات سابقة للكاتب