ضحية التعلم الرقمي

قال تعالى { الذي علم بالقلم” ” علم الإنسان ما لم يعلم }

يشهدُ العالمُ هذا الزمان تطورا كبيرا وتقدما هائلا ونقلة كبيرة وسريعة ..

ويشهدُ مجتمعُنا تحولا رقميا وجهودا مكثفة للقضاء على الأمية الرقمية وأصبح هدفا تُسخّر له كل السُبل .

وكان لفيروس كورونا دورا إيجابيا في تسريع هذا التطور الرقمي فقد أحدث تحولا سريعا في التعليم والصحة والتواصل الاجتماعي وكثُرت التطبيقات التي تُقدِّم الخدمات السربعة والمثالية بضغطة زر .

كل ذلك جميل ورائع ونفخر به .

حديثي اليوم سيكون عن أثر التعلُم الرقمي على أداة التعليم الأولى والتي ذُكرت في القرآن الكريم .. وهي أداة تدوين العلمِ وحفظه ونقله بين الأجيال بل بين العصور ..
ما مصيره في وسط هذا التطور ؟

_ نزلت هذه الآية مع أول ما نزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجتمعٍ أمي لا يحفَل كثيرا بالقراءة والكتابة ، ولا يُولِي القلمَ أهميةً كبرى ، فكان للقلم فيما بعد أهمية لا تغفل .

قال سيد قطب رحمه الله : القلمُ كان وما زال أوسع وأعمق أدوات التعليم في حياة الإنسان .. ولم تكن هذه الحقيقة إذ ذاك بهذا الوضوح الذي نلمسه الآن ، ونعرفه في حياة البشرية ، ولكن الله سبحانه كان يعلم قيمةَ القلم ، فيشير إليه هذه الإشارة في أول لحظة من لحظات الرسالة الأخيرة للبشرية وفي أول سورة من سور القرآن الكريم .

لقد أصبح القلم شبه مهمل ولم يعُد له دوره في التعليم .. فكل ما يحتاج إليه المعلم والطالب ضغطة زر ليُدوِّن المعلومات وينسخ ويلصق ويجيب على أسئلة المعلم والاختبارات كل ذلك من خلف الحاسوب ولوحة المفاتيح.

ولم يقتصر التأثير على القلم فقط بل أن هذا التطور أصبح يختصرُ مشاعرَنا ويسلبنا حق التعبير عنها لنكتفي برموز تعبيرية ( الايموجي ) تصف ما نُحسُ ونشعر ونريد.

أصبح القلم ثقيلا في أيدي أبنائنا فهم لا يُجيدون كتابة الحروف ولا يفرقون بين الرقعة والنسخ .

هنا يأتي دور المعلم في التعليم عن بعد بتفعيل الأنشطة الخطية والواجبات المنزلية التي يجمع فيها الطالب المعلومات ويعبر ويكتب بقلمه .. ولا يقتصر ذلك على مادة اللغة العربية بل على جميع المواد .

 

 محاسن المزروعي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *